Saturday, January 19, 2008

القرن الأول بعد بياتريس

القراة تعيدني إلى الكتابة، والكتابة تفتح شهيتي للقراءة، أما الأبتعاد عن الأثنتين فأنه يأخذني بعيداً في تسلسل الثواني والساعات الدائم السعي للقضاء على وقت لايمل الهروب منا، "القرن الأول بعد بياتريس" هذه الرواية هي ما أعاد الحروف لي لأكتبها هنا، فرغم قرائتي لمعظم كتب أمين معلوف وأعجابي بسرده التاريخي ، لكني ذهلت بروايته التاريخمستقبلية، او لنقل رواية الزمن الحالي من وجهة نظر تاريخية في المستقبل، أعجبتني كثيرا هذه الفكرة، وبقيت تتردد في ذهني كثيراً فكرة أن ألتقي بأشخاص من المستقبل ليقصو علينا قصص الحاضر التاريخية.. اليوم عاودتني الفكرة ثانية ففي كل يوم وأنا في طريق عملي بالقرب من دوار كفرسوسة يلفت نظري واجهة عيادة طبيبة نفسية وأعلق على تلك الواجهة لكثرة مافيها من ألوان وكأنها شركة أو وكالة لأعمال الدعاية والأعلان، ولا أستطيع أن أمنع نفسي من الضحك كلما مررت من أمامها، لكن اليوم وأنا في منطقة الشيخ سعد بالمزة لفتت نظري لافتة لطبيب نفساني، كانت مختلفة جداً عن سابقتها، ملفتة ببساطتها و هدوء ألوانها، ضحكت في نفسي مازحاً وقلت: "أخيراً وجدت الطبيب النفسي الذي أرغب أن أتعالج عنده.." ولكن سرعان ما لفت أسم الطبيب أنتباهي وعدت للضحك من جديد، لأني لم أتوقع أن أرى أسمه ثانية في شوارع دمشق، هو شخص أعرفه معرفة جيدة، وكانت لنا نقاشات وجدالات كثيرة في أيام قديمة،غادر للسعودية منذ زمن ولم أسمع عنه بعدها، رغبت في الدخول إلى العيادة، ولكني ترددت وخطرت في رأس رواية أمين معلوف " القرن الأول بعد بياتريس" وفكرة الأشخاص القادمون من المستقبل، كنت أعلم أنه قادم من المستقبل، وكنت أعلم بأنه سيقص علي قصص الحاضر من وجهة نظر تاريخية في المستقبل، تخيلت ماسيقوله لي، ما سيقوله عن عودته لدمشق، تذكرت فكرة سفره للسعودية وكيف دافع عنها، كنت أرغب بشدة في رؤية أبتسامته المستمرة ولمعان عينيه تحت نظارته الطبية، كل الأشياء قابلة للفهم والتحليل لديه وكل الكلمات تجد جملاً لها لتعبر عن نفسها، أفرحتني عودته ورؤية اسمه في شوارع دمشق لكن أحزنني أن دمشق ماضية في تاريخ لن يروى في المستقبل.