Monday, December 26, 2005

المعجزات في عصرنا الحديث

كيف تصنع لنفسك معجزة؟؟ وفي حال صنعتها ما الذي تهدف إليه من وراء ذلك؟ أسئلة طفولية ترددت في ذهني اليوم، كان الموضوع يدور حول تاريخ الامم القديمة والطريقة التي كانت تحاول ان تعبّر بها عن تفوقها عن بقية الامم، وربما كانت محاولة منهم للتعبير عن تفوقهم دون اعطاء اي اعتبار لبقية الامم.
يقال ان شعوبا كثيرة عانت في قدم التاريخ من اجل بناء معجزات الدنيا السبعة، وغيرها من الشعوب عانى كذلك من اجل معجزات لم ترتقي لمستوى تلك االمعجزات، ولكن البعض يصنفها ضمن المعجزات العشرة، ربما فعلوا ذلك لكي لايهضم حق تلك الشعوب في حصولهم على معجزاتهم بعد كل العذاب الذي عانوه في سبيل الحصول عليها،

أنتظرو البقية

------
عذراً فبما أن موضوع هذا البوست كان مرتبط بقضية سياسية كنت اود التحدث عنها ولكن بعد كم السياسة الهائل الذي طغى على الحياة في نهاية رأس السنة لن أكمل ما بدأته لأني قرفت ومليت



Sunday, December 25, 2005

وحدن

....
وحدن
ــ .. طلال حيدر .. ــ



وحدن بيبقو متل زهر البيلسان
وحدهن بيقطفو وراق الزمان
بيسكرو الغابي
بيضلهن متل الشتي يدقوا على بوابي على بوابي
يا زمان
يا عشب داشر فوق هالحيطان
ضويت ورد الليل عكتابي
برج الحمام مسور و عالي
هج الحمام بقيت لحالي لحالي
يا ناطرين التلج
ما عاد بدكن ترجعو
صرخ عليهن بالشتي يا ديب بلكي بيسمعو
وحدن بيبقو متل هالغيم العتيق
وحدهن وجوهن و عتم الطريق
عم يقطعوا الغابي و بإيدهن متل الشتي يدقوا البكي و هني على بوابي
يا زمان من عمر فيي العشب عالحيطان
من قبل ما صار الشجر عالي
ضوي قناديل و أنطر صحابي مرقو فلو بقيت عبابي لحالي
يا رايحين و التلج ما عاد بدكن ترجعو صرخ عليهن بالشتي يا ديب بلكي بيسمعو

===========

Saturday, December 24, 2005

للّذي قلبي الآن تفاحةٌ في يدَيْه

-





للّذي قلبي الآن تفاحةٌ في يدَيْه
للذي قلبي الآن كرةٌ بين رِجْلَيه
للذي لو نام
روحي ترفرف مثل الفراشة
فوق سريره
ولو استَيقَظَ الآن
ينتعل القلب قبلَ حذائِه
كل الحكايات التي احتفظت
بها الذاكرة
والحكايات التي الفَقُها كل وقتٍ
لكي يتسلّى
ويشخُصَ نحوي بعينين
أرى اللهَ يضحكُ مغتبطّا فيهما
وأيضّا له أُجْرتي كُلَّ يومِ
لكي يشتري طابةً وكتابَا
وأقلام تلوين
وله حين يكبُرُ
أن أتنحى قليلاً إلى مطرحٍ
أعِدُّ به ما تبقى أمامي،
لأُصلي له،
من سنين

----------

My DeskTop

Friday, December 23, 2005

سأضحك لأني أحب تفاهتي

لا أحب تلك الحالة التي تنقلني من الفرح إلى الحزن، ومن الانعتاق من كل مايربطني بهذا الاحساس الثقيل بالماضي وبالحاضر إلى الانغماس بمشاعر القلق و التبعثر امام جدران ليس لها أبواب للخروج أو نهاية لسراديب قد صنعتها بتماسكها وترتيبها العشوائي الذي يبدو بلحظة ما اكثر تنظيما مما أتخيل، فأبدأ بالدوران حول نفسي وتبدأ الكلمات بالدوران في داخلي و قد تبدو فكرة مجنونة أن تدور الكلمات بشكل مخالف لدوراني حول نفسي فتشكل لي متاهة جديدة بداخلي تزيد من حالة التبعثر والضياع.

لا. لا. لاأريد أن اكتب عن الحزن، كل ما أريده هو لحظة فرح اسرقها من هذه الحياة التي أعرف أنها أقصر مما كنت أتوقع وأكثر قساوة ولكني أعلم ان لاحياة لي من بعدها، ولا بد ان أسعى بحثا عن لحظات فرحي قبل ان تمضي بعيدة تاركة إياي في الفضاء اللامتناهي، واسعة هي أبعادها، قاصية هي لحظة نفهمها، وليس لي سوى لحظات فرحي التي سأعيشها ومن بعدها لن أهتم لسماع صوت الذين يندبون حظهم في هذه الحياة، او يصرخون معلنين انتصاراتهم عليها.


كل ما أثار قلمي هنا هو ذلك الهواء البارد والجاف الذي استمر لافحاً خدودي حتى بدأت تتشقق، مما جعل الألم يرافق ابتسامتي التي تمتد لتغطي كامل وجهي، أرفض الاستكانة للألم، وأرغب بالضحك حتى لو أنعدمت الأسباب، وسأستمر بالضحك كطفل لم يتجاوز سنينه الأولى ، !!!
ـــــ !!! سأضحك لأني أحب تفاهتي !!! ــــــ


Monday, December 19, 2005

Ashes To Ashes

ربيكا: لا أظن اننا نستطيع ان نبدأ من جديد.. فقد بدأنا... منذ زمن طويل. قد بدأنا. لا نستطيع ان نبدأ "مرة اخرى". نستطيع ان ننتهي مرة اخرى.

ديلين: لكن لم "ننته" اطلاقاً.

ربيكا: آه، بلى بالطبع. مرة بعد مرة بعد مرة. ونستطيع ان ننتهي مرة اخرى. مرة مرة بعد مرة بعد مرة بعد مرة.

ديلين: ألا تخطئين بشأن كلمة "ننتهي". النهاية تعني النهاية.
لا نستطيع ان ننتهي مرة اخرى. لا نستطيع ان ننتهي إلا مرة واحدة.

ربيكا: لا. نستطيع أن ننتهي مرة وان ننتهي مرة اخرى

(صمت تدندن بهدوء)





"من التراب وإلى التراب" "Ashes To Ashes"
And dust To dust :ديلين
if The Women dont Get you" : ربيكا
The Liquor must" ديلين:
صمت
"إذا لم تنل منكِ النساء.. فالكحول تنال..."
لطالما عرفت بأنك تحبينني.

ربيكا: لماذا:
ديلين: لأننا نحب الأغاني ذاتها.

(صمت)ـ


-----------
من مسرحية هارولد بنتر الأخيرة
(من التراب وإلى التراب)
ترجمة: بول شاوول

Saturday, December 17, 2005

ألمانيا

منذ بدأت الكتابة في هذا البلوج وانا أكتب عن المدن التي أحبها، والمدن التي لا أحبها، اتحدث عن مدن زرتها ومدن أتمنى زيارتها، كتبت عن كل تلك المدن في ذاكرتي وحدها مدينتي التي جئت منها لم تمر في هذه الصفحات، لم أتسائل قبلاً عن سبب ذلك، فليس لدي في تلك المدينة اية ذكريات، وليس هناك ما يربطني بأهلها، يبدو وكأني لا أحمل أي أنتماء لتلك المدينة، فأنا لم اولد في تلك المدينة ولم اعش فيها، لا أعرف شوارعها ولا أعرف لتلك الشوارع أسماء ، حتى أني لا اجيد التحدث بتلك اللكنة المبتذلة التي يتكلمون بها، في أخر زيارة لي لتلك المدينة كانت حادثة القتل لتلك الفتاة من قبل ابوها واخوتها بسبب زواجها من شاب صديقها في الجامعة لا ينتمي لطائفتها، كانت التفاصيل تطلق القشعريرة في بدني وتحملني على الأستفراغ، احسست أني لن اعود إلى تلك المدينة التي يقتل اهلها ابنائهم، لن أعود لأسمع قصص يفتخر بها القتلة بجريمتهم، ويقيمون الأفراح على جنازاتهم،

لما أخترت اليوم الكتابة عن كل ذلك، لأني اليوم قرأت خبراُ يتحدث عن تلك المدينة واهلها، وما يواجهونه من مأزق بين الولاء للوطن والولاء للطائفة، فهم طائفين إلى أخر الحدود،
ووطنيون إلى أخر الحدود، ولا يدركون أن الطائفة والوطن، ضدان لا يجتمعان، فأما الطائفة وإما الوطن، عليهم أن يختاروا، أعلم أنه لن يصعب عليهم الخيار، فهم سيجدون تلك المعادلة التي توحي لهم بالحل الذي يتحايلون به على انفسهم وعلى الوطن، سيختارون من طائفتهم مسوغات القتل لمن يخرج عن الطائفة وقوانينها، وسيختارون الولاء للوطن،

نعم انا لست من مدينة تقتل أبنائها ممن يتزوج من أبناء وطنها من خارج طائفتهم ثم يعلنون ولائهم لهذا الوطن، لا استطيع أن أعيش تناقض هذه الثنائية التي لا تعاش،

كل ما تبقى لي من تلك المدينة صور لجبالها التي وهبها الله لهم سقوها بدماء الشهداء يوما و بدماء الاستعمار يوماً، وهاهم يوم بعد أخر يسقونها بدماء بناتهم المذبوحة على أيديهم كما يذبحون النعاج،

وبعد كل مارويت لكم لا تسألوني عن سبب تجاهلي لتلك المدينة وعن أعجابي بألمانيا!!ـ

Friday, December 16, 2005

what's up





what's up

Twenty - five years and my life is still
Trying to get up that great big hill of hope
For a destination
And I realized quickly when I knew I should
That the world was made up of this brotherhood of man
For whatever that means
And so I cry sometimes
When I'm lying in bed
Just to get it all out
What's in my head
And I am feeling a little peculiar
And so I wake in the morning
And I step outside
And I take a deep breath and I get real high
And I scream at the top of my lungs
What's going on?
And I say, hey hey hey hey
I said hey, what's going on?
Ooh, ooh ooh
And I try, oh my god do I try
I try all the time, in this institution
And I pray, oh my god do I pray
I pray every single day
For a revolution
And so I cry sometimes
When I'm lying in bed
Just to get it all out
What's in my head
And I am feeling a little peculiar
And so I wake in the morning
And I step outside
And I take a deep breath and I get real high
And I scream at the top of my lungs
What's going on?
And I say, hey hey hey hey
I said hey, what's going on?
Twenty - five years and my life is still
Trying to get up that great big hill of hope
For a destination

بلا ولا شي

Sunday, December 11, 2005

through the wall


إلى من يهمه الأمر ...
هع، تبدو هذه البداية جميلة لهذه اللحظة، وكأن أحدا يهمه الأمر في هذه العالم اللامبالي كشيطان أخرس، بالطبع انا لا استجدي اهتماهه ولكني أمقت كل هذه اللامبالاة، فمنذ ان اخترق جسدي ذلك الجدار ذو الأحجار البازلتية وأنا أعشق الجدران، كيف لي أن أخترق الجدران؟؟، كانت مجرد صدفة، حدث ذلك في يوم من أواخر شهر أيار، حين كنت أريد الأتكاء على ذلك الجدار الذي ألهبت الشمس حجارته السوداء، كل ما أردته حينها لحظة راحة من تعب المسير الذي أستمر منذ الصباح الباكر، أثارني انعكاس اشعة الشمس على تلك الصخور التي حاولت ان أسند كتفي عليها، لكن الدهشة ملأت جسدي الذي عبر من خلالها، مرتعشاً أرتددت إلى الوراء كمن يصحو من كابوس طغى على نومه، نظرت حولي ولكن المكان خلى في تلك اللحظة إلا من قطة تحوم حول بقايا طعام عى مسافة ليست بالقريبة مني، حاولت أن أتلمس الجدار بيدي ثانية ولكن لا ملمس له، كانت يدي قد اخترقته كلياُ وأصبحت في الجانب الاخر منه، شدتني رغبة كي أعبره بكامل جسدي، كانت مجرد فكرة تجاوزه تحمل الكثير من الإثارة في نفسي، اقتربت اكثر فأكثر حتى أصبحت قدمي الاولى داخله، بعدها لم يكن من الصعب عليّ أن انتقل إلى الطرف الثاني من الجدار،وبدأت تنزف قطرات العرق من كل مسامات جسدي المنهك كمحارب عاد لتوه من ساحة المعركة، كان الجدار لمنزل ريفي قديم، تملئ زواياه قطع الاثاث الخشبي اليدوي الصنع، في الزاوية البعيدة عني كان موقد النار الذي مرت شهور عليه بدون أية نيران، تنقلت في ارجاء المنزل حتى وصلت إلى المطبخ، سلة الفاكهة الطازجة كانت تعبق رائحتها ارجاء المطبخ، حملت بعضها و اخذت ابحث عن مكان للخروج، ولكني تذكرت الطريقة التي دخلت منها، فخرجت ثانية من خلال احد جدران المطبخ، لأجد نفسي على مقربة من تلك القطة التي كانت تلتهم بقايا الطعام دون ان تعيرني أي انتباه

Friday, December 09, 2005

أطفال



دعوة لفتح النافذة


قد تغرب الشمس أو قد تمتلئ السماء بالغيوم ولكن لايزال هناك مكان لنافذة مفتوحة تظهر من خلالها الصورة اصفى مما كنا نتخيل او نأمل، ولم يزل هناك مكان لضوء ما كي يعبر منه ليصل لحدود قلوبنا التي ما تزال تعتبر التماهي بالوحدة رمز لقوتها المغلوبة.

أفتحو نوافذ قلوبكم، و سيخطف ذلك الضوء اللامع ألبابكم فتتحول الاجساد القاتمة إلى زجاج يخترقه الضوء عاكسا ألوان الروح التي ستشد بها توأمها الذي سيتحرك من بعيد ملوحا بيده راسماً ابتسامته على وجه الذي يحمر خجلاً.

Monday, December 05, 2005

حورية الجبال


تحملني الاماكن ذات الافق المنظور على الكتابة وكأنها تفتح لي ابواب في عقلي ومشاعري لا اعرف مثيل لها في المدن ذات المشاهد المغلقة، هكذا أنا احب الجبال وأحب الوقوف على أعلى رباها وقممها، و أحب النظر في ذلك العمق اللامنتهي، لكن شيء واحد يعكر صفو صداقتي مع الجبال فليس هناك حورية للجبال كما هي الحال مع حورية البحر ....

Saturday, December 03, 2005

بين سهو ونسيان

قبلك.. كانت حياة
وبعدك.. ستكون حياة
فماذا كنت أنت إذاً ؟!!

... أميرة أبو الحُسن


كنت قد قرأته قبل صدوره و أطلعت عليه أثناء التحضير لعملية الطباعة والنشر ولكن لصدوره كان هناك بريق مختلف، بريق رأيته ساطعاً في عيني أميرة، هو ديوانها الأول، اسمته "بين سهو ونسيان"، وبين السهو النسيان تسير بنا أميرة عبر رحلة عمر ليست بالقصيرة ولكنها تكثفها لنا في لحظات وحالات مستمرة في البحث عن طريق يصل بها وبنا إلى ذلك البريق الذي يسطع في عينيها.









اليوم عدت كما كنت قبل عام امرأة وحيدة
تجلس إلى طاولتها المفضلة
تشرب قهوتها المفضلة
تقرأ كتاب شعر
ترفع رأسها فجأة
فلا تراك...

****


اليوم الأول بعد رحيلك
حاولت أن أخترع لي عشقاً غيرك...

في الشهر الأول بعد رحيلك
حاولت أن أقرأ شيئاً من شعرك...

في السنة الأولى بعد رحيلك
حاولت أن أكتب شعراً لا يكون لك...

في السنة الثانية بعد رحيلك
كان كل همي... أن أخرجك من دمي
وأن أكرهك...
* * *


ما أضيقها هذه الأرض
لم تتسع لنا...

* * * *



أخبرني، وأنت العارف بكل تفاصيلي
متى احتلني كل هذا الصقيع؟
ومن سرق دفئي؟!!!

... أميرة أبو الحُسن


Thursday, December 01, 2005

to have an open mind you need to have an open heart and vice versa.


كل هذا الحديث عن الأنترنيت الذي لايمر يوما دون سماعه، والمقالات التي تحذر من مخاطر الأنترنيت والمقالات التي تتحدث عن عمليات الاحتيال التي تمت بواسطة الأنترنت، واستمرار التحذيرات من الوقوع ببراثن من يحاولون اصطياد فرائسهم على الأنترنيت، وفي المقابل تلك المقالات التي تتحدث عما غيرته الأنترنيت بحياتنا اليومية وما تفعله بها، لا أدري لما تنتابي نوبة الذكريات كلما قرأت مثل هذه الاحاديث، وتعود بي الايام إلى تلك اللحظات الاولى التي تعرفت بها على تلك الشبكة الساحرة التي لم يخبو سحرها عندي منذ تلك اللحظة، كانت الاحرف الاولى التي ارتسمت على الشاشة امامي حرفا تلو الأخر تنهال كأنها شلال من السحر الدافق ، حينها كان الياهو هو محرك البحث الاشهر الذي كان ينطلق من متصفح نيتسكايب والاكثر انتشارا في ذلك الوقت كما المارد الضخم الذي يعلن عن خروجه من مصباح علاء الدين مطلقاُ عبارته الاشهر "شبيك لبيك الأنترنيت بين يديك"، لم تكن سرعة الاتصال مثلما هي عليه الان، فقد كانت من البطئ بحيث كنت قادرا على قراءة الكلمات وهي ترتسم على النافذة كلمة وراء كلمة، اما عن الصور والرسومات فقد كان من الصعب ان انتظرها لتكتمل، وغالبا ما أرتسمت أشارة الأكس مكانها، وحدها الأنترنيت جعلت مني شخصا قادرا على الجلوس ساعات وساعات دون أدنى حركة، كانت تنسيني مواعيدي واعمالي، بل سأقول أنها انستني حتى نفسي، تجربتي مع الأنترنيت طويلة العهد نسبيا مقارنة مع عمر هذه الشبكة وأنتشارها في بلادنا، وما زلت اذكر اول الناس ممن أتيحت لي الفرصة لأتعرف عليهم من خلال الأنترنيت،
ولقد كانت اولهم غابرييل.
من هي غابرييل؟ هي فتاة أمريكية من اصل لبناني تعيش في أميركا، لقائي بها كان محض صدفة غريبة، والغريب في ذلك اللقاء الذي رغم قصره لا يزال يترك بداخلي أثراً كبيراً مع أنه لقاء لم يتعدى الثلاثة رسائل على النت لكنه ترك لدي انطباع مختلف عما تحمله الأنترنيت من مفاجأت ورائها، لم يكن من السهل تصور فكرة الألتقاء بالأخرين عبر الأنترنيت ولكن هذا اللقاء معها شجعني لأفتح الباب أمام هذا العالم الافتراضي بكل ما فيه، يدفعني الفضول وحب لأكتشاف أناس أخرين لم يكن من الممكن التواصل معهم بدون وجود هذا الفضاء من الاتصالات الذي دعيّ بالأنترنيت.
لو احببت ان اعود بذاكرتي لأسرد كل المفاجأت التي حملتها لي الأنترنيت لأحتاج الموضوع لسطور قد تطول اكثر مما تتوقعون، ولكني اعتقد ان الصدفة التي جعلتني التقي بفتاة مثل غابرييل في بداية الأمر هو ما سهل علي تقبل هذا العالم الافتراضي بكل مافيه وجعلني لا أتردد في البحث دوما عن اصدقاء جدد من خلاله.
سأترك لكم جزء من الرسائل الثلاثة التي وصلتني منها وهو كل ما بقي من لقائنا...




Hello Khaled, … it is truly my pleasure to express to
you the beautiful gift god gave you. And you may have more
talents that I do not know.…
..

Tell me what or describe to me a woman who is open minded?
For me I always liked to be around openminded people. Why?
because since I was a little girl I always thought beyond and deeper . I do not think a one way thinking. I am open to different, unique ideas, thoughts etc.. I do not limit my thinking. I like to think outside the box which means thinking differently. I think and feel that this is a fundamental task to do. By birth, we were all born unique, and that uniqueness needs to be nourished and flourished given way to seeing the world in a different lens, feeling with an open and true heart, thinking with a mind that respects other point of views( not necessarily agreeing but understanding another).
Also To be open minded is to be willing to grow from the inside and that takes a certain courage. the more inner growth you have the more you can appreciate an open mind . to have an open mind you need to have an open heart and vice versa.



Hello Khaled thankx for your thoughtful reply. you are truely a gifted man. I admire the rythm of your heart. you have a precious song to sing to the world inside of us and to the outside world. Keep singing your precious, gentle, wise tune to its fullest potential! Poetry is a very
deep ocean of endless tunes of powerful emotions, thoughts, mystery of the mysteries of the heart and mind and spirit.
I scanned through your web site. i wanted to reply to you soon because i want to take my time reading your poetry. i read , speak and understand arabic pretty well. the classical arabic i am slow in understanding it. it has been a while since i did not practice it. i prefer to correspond in english for now and use arabic here and there. i hope that is convenient to you. I lived in lebanon part of my life and part in the U.S .I was born in Africa - congo…….

……
….

I love to live my life according to my values which are rich in honesty to myself and honoring my whole spirit, mind and heart and body and soul.... and that is part of my personal story.

Tuesday, November 22, 2005

العاشقين العابثين


حين تهرب الكلمات من وجع اللحظة الغابرة، فتعبر على جسر الهروب إلى ضفة النسيان، تمر إلى جانب الشجرة المحنية، شجرة يملئ جذعها نقش لقلوب واسماء لعاشقين مرّو من هنا، تستغرب محاولات العابثين لشطب تلك الذكريات دون سبب واضح، ايكون ذلك غيرة من الحب ام لشقاوة في نفس مراهق لم يزل يحلم بلحظة يعود ليرسم اسم حبيبته يوما ما على جذع هذه الشجرة ....



!!فش خلقك فش

هذه محاولة جد جادة، يعني جادة جداً ، ولكن لما هي محاولة ، لأنني أحاول ، و لما هي جادة، لأني مصر على ان تكون جادة، ما الذي أحاول أن افعله، مجرد محاولة لسرقة بعض الوقت والتفرغ لهذه المدونة لبضعة دقائق، وما أهمية الموضوع، لا أهمية له، لكني احمل كلمات اخشى اني لن استطيع النوم دون ان ارميها في هذه المدونة التي امست تشبه "جورة الغم" او " جورة الهم" كما يسميها البعض، بس عن اي هم وغم عم احكي، اليوم كان كله هموم، بس الهم الاكثر انتشاراً في شوارعنا اليوم كان أنفلونزا الطيور، حتى انه غطى على أخبار ميليس والتحقيق، لكن ما اود الكتابة عنه شيء اخر مختلف تماماً، هي صورة شاهدتها على الانترنيت اليوم وتحتها بعض الكلمات سأتركها لكم قبل أن أذهب للنوم ...




If one Rose grows alone in your garden.....
Its fragrance sweetness .... will soon pass away ....


Saturday, November 19, 2005

بريخت، يرد على تساؤلات

أًضحك كثيراًَ كلما عدت بعد فترة غياب لمدونتي وأجد بأنتظاري تلك العبارة "سأعود لأكمل لكم…"!! وكأني كنت أخبر اني سأغيب لفترة ليست قصيرة، أو كأني كنت ابحث عن مخرج لأتهرب من العودة للكتابة، ليس من السهل ابدا التحدث بكل شي، كيف أتحدث عن اشياء هي بلحظة ما تشكل جزء من حياتي دون أن أعرض هذا الجزء لنور الشمس ، ففي كل يوم يزداد الذين يقرأون هذه المدونة والكثيرمنهم يعرفوني في الحياة الواقعية، بالطبع أنا لا أخاف من الكتابة، ولكنه شعور غريب عندما اكتب وانا اعرف ان هناك من سيقرأ وهو يعرف من يكون الأيرون ماسك، يعرف خالد بلحمه وشحمه، فكرت طويلا في بدأ مدونة جديدة لا تحمل اسمي، لعلي استطيع ان أعود للكتابة بدون تفكير او أنتقاء للمواضيع، كل هذا يقودني للسؤال "لما أنا هنا؟" "ما الذي أريده من كل هذه الكتابة؟" اعرف ان معظم الذين يكتبون في مدوناتهم يسألون انفسهم هذا السؤال كثيراً والكثير منهم توقف عن الكتابة او قام بإلغاء مدونة كان قد بدأها، أو بتر مدونته وتوقف عن الكتابة بها، ما اشبه المدونين بالطيور المهاجرة، فما أن تعتاد اعشاشها حتى يحين موعد الهجرة من جديد، إلى أين نحن مهاجرين في هذا العالم الذي لا مكان فيه لعش يحمي من برد او يقي من جوع،ويبدو أن كل الأمكنة في هذا العالم تحمل اسئلة لا أجابات لها، ولا مكان يحمل في طياته معالم الاستقرار،
كل هذا يعيدني لبريخت ولتلك القصيدة التي لا تبارح مكانها في اول صفحة من دفاتري ومنذ زمن طويل، تلك القصيدة التي ارسلها بريخت لصديقته البولونية بعد أن أشتعلت نار الحرب العالمية بين بلديهما:

الأسئلة هي كل ما يمكنني أن أمنحك،
وأقبل بكل الاجابات ..

فليس بيدي ان أطعمك لو كنت جائعة،
أو أن احميك وأنتي خائفة..

يبدو كأنني لست موجود في هذا العالم ...


لن اعلق كثيرا على تلك القصيدة، ولكن تزداد أسئلتي سؤالاً في هذا اليوم، هل تغير ذلك الزمن الذي عاش فيه بريخت، هل تغير لدرجة يمكن فيها البحث عن قصيدة شعر اكثر فرحاً تناسب هذا الزمن على فرض انه اصبح زمن افضل من زمن الحرب العالمية، أم هل بقي بريخت بقصيدته يمثل جواباً لهذا العالم الذي لما يعد من الممكن البحث فيه عن أماكن تقدر على حماية اعشاش قد نرغب ببنائها لنرتاح قليلا من تعب السفر والغربة التي طالت أكثر مما يحتمل …


حـلـــــم




Tuesday, November 08, 2005

من قلبي سلام لبيروت

من اين ابدأ،
من زمن لابداية له ولا نعرف له نهاية يعبر على المدن تاركاً اياها في سجل تاريخه، يعبر ليسجل على جبينها خط من خطوط العمر، ليقول ها أنت تشيخين ايتها المدن، انا الزمن وحدي الذي لاسجل لعمره، ولاتجاعيد تعلو جبينه، بدأت بهذا الزمن لأني كنت اخشى كثيرا أن يجعلني لا أعرف تلك المدينة بعد أثنتي عشرة سنة مرت منذ اخر زيارة لي لبيروت، وكل ما كنت اخشاه أن أعود إليها ولا اجد فيها أجمل اللحظات التي أحملها معي كل هذه
السنين،أندهشت لأبتسامتي التي كانت تكبر حتى لم تعد تتسع لها شفتاي، فرحتي التي كانت تزداد وانا اقترب منها دقيقة بعد دقيقة، لا أدري سر الفرحة التي تعتريني في تلك المدينة، الكثير من الشوارع كانت مختلفة عما اذكره لكنها تركت بداخلي نفس الشعور بالألفة والراحة، الشوارع تغيرت ملامحها، الابنية على جوانب الطرقات ازداد عددها وتغيرت الوانها، كانت السماء الملبدة بالغيوم تنذر بمطر غزير ، لكني لم امنع نفسي من السير في شارع الحمرا، خطوات قليلة خطوتها قبل ان تبدأ حبات المطر بالهطول، ولكني لم اتوقف عن السير، لا شي يمنعني من السير في تلك الشوارع بعد كل ذلك الغياب، لكن المطر تحول إلى سيول وكأنه يختبر قوة ارادتي و عنادي، امتلأت الشوارع بالمياه الجارية بأتجاه البحر، لم يعد من السهل اكمال المشي، فتوقفت تحت شجرة كثيفة الاوراق علها تحميني قليلاً وانتظرت توقف المطر، ومضى الوقت وجسمي يرتجف تحت ثقل ثيابي المبللة بالماء، انتظرت قليلا ُ، ثم عدت ادراجي إلى الفندق الذي خشيت أن لايسمحو لي بالدخول بسبب حالتي المزرية، والمياه التي كانت تنساب من ملابسي، ولكنها الابتسامات هي كل ما قابلوني به داخل الفندق.









تتقاطع الذكريات مع تقاطع الشوارع في بيروت وتلك الساحات ا
لتي تنتشر فيها المقاهي التي اكتشفت شي جديد فيها لم يكن ليوجد من ضمن ذكرياتي عنها، انه الوايرليس كونكشين بشبكة الأنتريت المنتشر في المقاهي، كان الجميع يجلس على الكراسي المنتشرة على الرصيف واضعين اجهزتهم المحمولة على الطاولات امامهم إلى جانب أكواب القهوة وما إن بدأت تمطر حتى حملوا أجهزتهم ودخلو إلى داخل المقهى ولكن سرعان ما عادت الشمس للشروق فعادوا يحملون امتعتهم و يفترشون الرصيف،
عن ماذا يقرأون وأين يتجولون عبر الشبكة سؤال فضولي تردد إلى رأسي كثيراً وأنا أراقبهم،

























سأعود لأكمل لكم .....


Sunday, November 06, 2005

Tagged!

كنت انوي ان اكتب عن زيارتي إلى بيروت في عطلة العيد، وكان برأسي الكثير الكثير لأرويه عن تلك المدينة وماتركته من مشاعر في نفسي على مدى اليومين الماضيين، تلك المشاعر الغزيرة كما المطر الذي أغرق شوارعها في لحظات لقائي الاولى بتلك المدينة، ولكن فاجأني أن إيف وضعت اسمي بين السبعة الذين اختارتهم للإجابة على هذه الاسئلة، ولذا سأجيب عنها وأعود للكتابة عن بيروت في وقت لاحق

سبعة أشياء أنوي القيام بها:
1- العودة إلى لندن مهما تكن الفترة، قد يكفيني اسبوع، ليس اشتياقاً للندن بقدر ما هو أشتياقاً للبعاد عن بلدي.
2- التوقف عن اعتبار الزواج هو السبب الأهم في المصائب المنتشرة حول العالم والبحث عن سبب اخر لا يسبب لي مواجهة دائمة مع أمي :)
3- التوقف عن تبذير كل ما تصل إليه يدي من فلوس و العمل على شراء سيارة ( لا تستغربو هذه الرغبة في بلدي يصل سعر السيارة الاوربية الصنع لقياس 1400 سي سي بين 30 إلى 40 ألف دولار).
4- بذل مجهود اضافي للتمكن من ارتداء الملابس الرسمية التي يتطلبها العمل رغم فشل كل المحاولات السابقة لجعلي أتخلى عن بنطلون الجينز.
5- دعوة كل اصدقائي حول العالم لزيارتي في دمشق لكن بعد اتمام البند السابق رقم 3 (على امل ان يقوموا بالمثل ويدعونني لزيارة بلدانهم :)).
6- أصدقائي بدأو حملة لمكافحة جرائم الشرف، كنت اود المشاركة معهم، ولكني افكر ان اشن حملة ضد كل القيم والمفاهيم الاجتماعية التي تسيء للمرأة في مجتمعنا وليس جرائم الشرف وحدها، لكن حتى الان لا أعرف من اين أبدأ لكثرة ما يوجد من تلك الاساءات بحق المرأة، وستكون الدعوة للحرية الجنسية اهم جزء من تلك الحملة.
7- سأفتح الباب امام الأخرين علّني التقي بمن يذيب بعض الجليد عن قلبي..

سبعة أشياء أستطيع فعلها:
1- لا ادري لما يندهش الناس عند معرفتهم للساعات الطويلة التي اقضيها في العمل، لدرجة أستطيع وصل الليل بالنهار في بعض الاحيان.
2- رغم حبي الكبير لنفسي ولدرجة الانانية احياناً، لكني أستطيع أن استثني اصدقائي من انانيتي وأقف إلى جانبهم مهما كلفني ذلك.
3- رغم قلة قراءاتي في هذه الايام، ولكن استطيع في حال امسكت كتاباً اعجبني ان لا أفلته من بين يدي حتى اخر نقطة حبر روّت صفحاته،
4- أستطيع التصرف بمزاجية مطلقة لا يفهمها الناس ولا يقبلو مبرراتها، ولكن يكفيني انها ستكون سببا للحظة سعادة امر بها.
5- استطيع أن اكون صريحا دوما بما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية، ولا أتردد بقول رأيّ بأي شخص حتى في وجهه مباشرة مهما كان هذا الرأي سلبياً أو سيؤدي إلى نتائج سلبية.
6- من الأشياء التي استطيع فعلها وافعلها من فترة لأخرى هي انني قادر على تدمير كل ما كنت بنيته بلحظة معينة والبدء من جديد، و لهذا لا يطول بقائي في عمل معين او مجال معين لفترة طويلة.
7- الضحك دائماً، حتى في المآتم.


سبعة أشياء أعجز عن فعلها:
1- التوقف عن تصفح الانترنيت و اعتبار جوجل صديقي المفضل.
2- اعجز عن النوم بعد الساعة السابعة صباحاً، حتى لو كانت السهرة قد استمرت لغاية السادسة صباحاً.
3- أعجز عن جعل الناس تتوقف عن النظر إلي من خلال طائفتي رغم تعميدي في الكنيسة كمسيحي واشهاري لإسلامي في الجامع الأموي و رفضي الدائم لكل الأديان مجتمعة.
4- أعجز عن مشاهدة التلفزيون. ولكني احتفظ بمعزة خاصة للقناة الثقافة الفرنسية الألمانية، رغم عدم اتقاني لأي من اللغتين الفرنسية او الألمانية.
5- أعجز عن رؤية الأحلام، لدرجة تنطبق علي تسمية "رجل بلا أحلام"..
6- أعجز عن التوقف من الأكل في المطاعم بشكل دائم، لدرجة اني أشتاق كثيراً للطبخات الشهية التي كانت امي تطبخها.
7- وأخيراً ، اعجز عن سماع فيروز دون ان تظهر كل مشاعري على وجهي ، لكني استطعت ان اتحكم بتلك الدوموع التي كانت تنساب في بعض الأحيان.


سبع كلمات أقولها غالباً:
1- "حكي فاضي!!" استخدمها كثيرا كلما حاول احدهم جري للتحدث في السياسة.
2- "عاوزنا نرجع زي زمان قول للزمان أرجع يازمان" : مقطع من اغنية لأم كلثوم اردده كثيراً أثناء العمل منذ عدة سنوات.
3- "أها" كلمة استخدمها للتواصل مع حديث الاخرين وخاصة على المسنجر.
4- "كتير منيح" : استخدمها للدلالة على الرضا من شي معين.
5- "أفففت" : أكيد بتعرفو ليش بستخدمها :)
6- "هاهاهاههاههاها" : ضحكتي التي لا اتوقف عن اطلاقها بكل الاوقات.
7- " ؟؟ ؟؟؟؟" مسبة استخدمها كثير ، عذراً لتشفيرها :)

سبعة أشخاص أطلب منهم الإجابة عن هذه الأسئلة:
أعتذر فأنا لا احب هذه الأشياء :P

Thursday, November 03, 2005

google in damascus


الوجه الأخر للقمر :)

Wednesday, November 02, 2005

حورية - محمود درويش


تعاليم حُوريَّة

فَكَّرتُ يومًا بالرحيل، فحطَّ حَسُّونٌ على يدها ونام.

وكان يكفي أَن أُداعِبَ غُصْنَ دالِيَةٍ على عَجَلٍ...

لتُدْركَ أَنَّ كأسَ نبيذيَ امتلأتْ.

ويكفي أَن أنامَ مُبَكِّرًا لتَرَى مناميَ واضحًا،

فتطيلُ لَيْلَتَها لتحرسَهُ...

ويكفي أَن تجيء رسالةٌ منّي لتعرف أَنَّ عنواني تغيَّر،

فوق قارِعَةِ السجون، وأَنَّ

أَيَّامي تُحوِّمُ حَوْلَها... وحيالها

أُمِّي تَعُدُّ أَصابعي العشرينَ عن بُعْدٍ.

تُمَشِّطُني بخُصْلَةِ شعرها الذَهَبيّ.

تبحثُ في ثيابي الداخليّةِ عن نساءٍ أَجنبيَّاتٍ،

وَتَرْفُو جَوْريي المقطوعَ.

لم أَكبَرْ على يَدِها كما شئنا:

أَنا وَهِيَ، افترقنا عند مُنْحَدرِ الرُّخام... ولوَّحت سُحُبٌ لنا،

ولماعزٍ يَرِثُ المَكَانَ.

وأَنْشَأَ المنفى لنا لغتين:

دارجةً... ليفهَمَها الحمامُ ويحفظَ الذكرى،

وفُصْحى... كي أُفسِّرَ للظلال ظِلالَهَا!

ما زلتُ حيًّا في خِضَمِّكِ.

لم تَقُولي ما تقولُ الأُمُّ للوَلَدِ المريضِ.

مَرِضْتُ من قَمَرِ النحاس على خيام البَدْوِ.

هل تتذكرين طريق هجرتنا إلى لبنانَ،

حَيْثُ نسيتِني ونسيتِ كيسَ الخُبْزِ [كان الخبزُ قمحيًّا].

ولم أَصرخْ لئلاَّ أُوقظَ الحُرَّاسَ.

حَطَّتْني على كَتِفَيْكِ رائحةُ الندى.

يا ظَبْيَةً فَقَدَتْ هُنَاكَ كِنَاسَها وغزالها...

لا وَقْتَ حَوْلَكِ للكلام العاطِفيِّ.

عَجَنْتِ بالحَبَقِ الظهيرةَ كُلَّها.

وَخَبَزْتِ للسُّمَّاقِ عُرْفَ الدِيك.

أَعْرِفُ ما يُخَرِّبُ قلبَكِ المَثْقُوبَ بالطاووس،

مُنْذُ طُرِدْتِ ثانيةً من الفردوس.

عالَمُنا تَغَيَّر كُلُّهُ، فتغيَّرتْ أَصواتُنا.

حتّى التحيَّةُ بيننا وَقَعَتْ كزرِّ الثَوْبِ فوق الرمل،

لم تُسْمِعْ صدًى.

قولي: صباح الخير!

قولي أيَّ شيء لي لتمنَحَني الحياةُ دَلالَها.

هي أُختُ هاجَرَ.

أُختُها من أُمِّها.

تبكي مع النايات مَوْتى لم يموتوا.

لا مقابر حول خيمتها لتعرف كيف تَنْفَتِحُ السماءُ،

ولا ترى الصحراءَ خلف أَصابعي لترى حديقَتَها على وَجْه السراب،

فيركُض الزَّمَنُ القديمُ

بها إلى عَبَثٍ ضروريٍّ:

أَبوها طار مثلَ الشَرْكَسيِّ على حصان العُرْس.

أَمَّا أُمُّها فلقد أَعدَّتْ،

دون أن تبكي، لِزَوْجَة زَوْجِها حنَّاءَها،

وتفحَّصَتْ خلخالها...

لا نلتقي إلاَّ وداعًا عند مُفْتَرَقِ الحديث.

تقول لي مثلاً: تزوّجْ أَيَّةَ امرأة مِنَ

الغُرَباء، أَجمل من بنات الحيِّ.

لكنْ، لا تُصَدِّقْ أَيَّةَ امرأة سوايَ.

ولا تُصَدِّقْ ذكرياتِكَ دائمًا.

لا تَحْتَرِقْ لتضيء أُمَّكَ، تلك مِهْنَتُها الجميلةُ.

لا تحنَّ إلى مواعيد الندى.

كُنْ واقعيًّا كالسماء.

ولا تحنّ إلى عباءة جدِّكَ السوداءِ،

أَو رَشوَاتِ جدّتكَ الكثيرةِ،

وانطلِقْ كالمُهْرِ في الدنيا. وكُنْ مَنْ أَنت حيث تكون.

واحملْ عبءَ قلبِكَ وَحْدَهُ...

وارجع إِذا اتَّسَعَتْ بلادُكَ للبلاد وغيَّرتْ أَحوالَها...

أُمِّي تضيء نُجُومَ كَنْعَانَ الأخيرةَ،

حول مرآتي،

وتَرْمي، في قصيدتِيَ الأَخيرةِ، شَالَها! .

Sunday, October 30, 2005

قاع الهاوية



رغم مقاطعتي المستمرة للتلفزيون وعدم مشاهدته منذ فترة طويلة جداً، لكني أخضع نفسي احيانا لعملية جلد الذات وأقرر مشاهدة بعض الدقائق من احدى المسلسلات، كل ذلك في محاولة للنظر في وضع المسلسلات العربية وما هي الحالة التي وصلت إليها، واستطيع ان اقول ان هذه المسلسلات تزداد سوءاً وبشكل متسارع منذ بدء البث التلفزيوني ويمكن لي ان اسرد أهم صفات جرعة المسلسلات العربية المستمر بثها على الفضائيات العربية كما يلي:

تلاعب بالمشاعر الهشة للمواطن العربي
استغلال لنقص ثقة المواطن العربي بنفسه
انحطاط فكري وانساني معبر عن حالة الفكر العربي العاجز،
نشر الموروث السلفي والأجتماعي الخاضع لغيبيات وقيم غير متناسبة مع روح العصر،


ولو حبيت اوصفه باللغة العامية على الشكل التالي:

سئالة
غلاظة
فزلكة، واكل هوا...

بالتأكيد سيأتي من يعترض على كلامي هذا، ويرفض التعميم الوارد به، ولكني وبالمختصر لن أرد على اعتراضاته، لأني أعتبر تفاهة المسلسلات لدرجة لا تستحق اي نقاش او جدال بخصوصها،

ولكن شيء وحيد يفرحني بخصوص هذه المسلسلات، هي انها مؤشر مهم ومعبر عن مقدار الانحطاط والذي يبشر بدوره ببدء زمن نهاية التفاهة، نعم المؤشر يقول اننا وصلنا إلى الهاوية، ولم يبقى سوى القليل حتى يبدأ التحطم على ارض القاع.



Saturday, October 29, 2005

وجه منسي

تتوالى الضحكات من الطاولة التى خلفي دون توقف، تدفعني رغبة ما للنظر خلفي لأرى صاحبة تلك الضحكة المتواصلة، فلا أتردد بالنظر للوراء، لم اتذكر هذا الوجه ولكنه يبدو مألوفاً بالنسبة لي، اعود للنظر إلى الأوراق التي امامي على الطاولة والتي كنت أشوه بياضها بكلمات زرقاء اللون، وكأنه لم يكن ينقص حزن تلك الكلمات سوى لون الحبر الأزرق الذي كنت اكتب به، لكني لا استطيع الاستمرار بالكتابة والضحكة مستمرة من خلفي تطن في أذني، من هي تلك السيدة، اين شاهدتها من قبل؟ يالذاكرتي السيئة، بالتأكيد اني اعرفها، ولكن اين ومتى، التفت ثانية للوراء أنظر إليها لعلي استعيد وجهها من ذاكرتي، لكن عبثا كانت محاولاتي، ارتشف قليلا من فنجان القهوة واغمض عينيّ محاولاً ان أطابق بين صورتها مع صور الوجوه المختزنة في رأسي، احس بالضيق لفشلي بتذكر تلك المرأة،
أعود لأوراقي واكتب من جديد، اكتب عن امرأة كنت اعرفها في زمن ما، كنت التقيتها في مكان ما، ولكن لم يبق من ذكراها اي شيء......

Thursday, October 27, 2005

الحياة كذبة


الحياة كذبة وكذبة كبيرة كتير، بس المصيبة انو مصدقينها، يعني اتس اوكي، انا مش معترض على كونها كذبة، بس ما في داعي نصدقها، ولو حبيتو تصدقوها براحتكم، بس معلش ما تقولولي صدقها، انا خلص مش راح ارجع صدق انه الحياة فيها شي مش كذب او مش وهم،
ايه، خلص ، انا الشئ الوحيد اللي ممكن صدقه عن الحياة انها كذبة ، وكذبة كبيرة كمان ...

كاسكم يا شباب، نخب الحياة


Wednesday, October 26, 2005

حملة دعائية


My Friend says:
وشو كمان في اخبار؟
IronMask says:
بلشت مسابقة اختيار افضل بلوج
IronMask says:
و التصويت شغال لغاية 24 الشهر الجاي
IronMask says:
http://www.thebobs.com/thebobs05/bob.php?site=vote
My Friend says:
انتا لمين رح تصوت؟
IronMask says:
انا صوتت لأيف
My Friend says:
اوكي
My Friend says:
مين ايف؟
IronMask says:
Mysterious eve
IronMask says:
http://mysteriouseve.blogspot.com/
IronMask says:
بنت لبنانية ، من بيروت
IronMask says:
بتشتغل بمجال الترجمة
My Friend says:
اها
IronMask says:
ايه، كتابتها كتير حلوة ،
IronMask says:
بتكتب باللغة العامية احيانا، كتير حلوة ومهضومة كتاباتها
My Friend says:
حلو
IronMask says:
"On my way back home today, the conversations on the streets focused, as follows, on: "Ghazi Kanaan, Ghazi Kanaan; G.K.; G.K.; food & empty stomachs; G.K.; killed; "farrouj meshweh" (with the detailed description); G.K.; suicide my a**; oh, cute guy to the left; G.K; children crying inside my head; G.K.; security forces; move your car, you moron!; G.K. etc..." So, they killed him, surprise, surpris"
IronMask says:
هاي من بلوجها التاني بالأنكليزي
My Friend says:
مهضومة
IronMask says:
http://www.eventuallyeve.blogspot.com/


:)

Monday, October 24, 2005

درب العودة



قال
"اصعدي إلى سمائي"

لم أدرك
كم هو قاس
درب العودة

..... أميرة





لم يكن من السهل العودة الى ذلك الشارع الذي كانت قد دفنت فيه بعض ذكرياتها، كانت تسير ببطئ علّها تغير من جهتها في لحظة ما وتتجاوزه ولكن الشوق هو ما كان يشدها نحوه، فتعاود الأسراع بخطواتها، كانت تسير مستدركة الطريق بذاكرتها، فهي لم تعد تعرف هذه الشوارع التي تغيرت ملامحها كثيرا، ولم تعد نقاط العلام التي حفظتها موجودة على جوانب الطرقات، اين ذهبت مكتبة الفرسان، ألم تكن على زواية هذا الشارع، لم تستغرب اختفاء المكتبة بقدر استغرابها لتلك الأبتسامة العريضة التي غيرت ملامحها الجدية لإدراكها إنه من الصعب هذه الايام تحديد الطريق بمحل شاورما كما كان في زمانها، فهاهي محلات الشاورما تملئ الشوارع وكلها متشابهة، وسرعان ما أختفت الابتسامة مع ملاحظتها لذلك العدد الكبير من محلات الشاورما المتشابهة، هل هذا ما يسمونه الأمن الغذائي في هذه الأيام!!!
أغمضت عينيها للحظات محاولة طرد كل هذه الأفكار من رأسها، فهي لاتريد ان تفكر بكل هذا الأن، كل ماتوده هو الوصول الى ذلك الشارع الذي اصبح اكثر قرباً مع كل خطوة تخطوها نحوه، كانت تعرف تلك الرائحة التي بدأت تزداد مع أقترابها، رائحة تلك البيوت القديمة التي لا تزال تنخر ذاكرتها وتعيد لها ذكرى كل رعشات جسدها التي تفجرت بين ذراعيه، من كان يقول ان هذه الرائحة العفنة للبيوت القديمة تحمل بين ثناياها ذكرى لحظات سعيدة عاشتها بين جدرانها،
الألفة سر من اسرار هذه الشوارع القديمة، فهي ما زالت تألف هذه البيوت أكثر من أي مكان اخر في العالم ذهبت إليه،
لم تكن تشعر بالرهبة وهي تطرق على الباب، كانت تطرقه وكأنها قد غادرته قبل ساعة من الزمن، وحده عندما فتح لها الباب بلون الشعر الأبيض لحاجبيه المعقودين ذكرها بطول السنوات التي غابتها عن هذا البيت،

قد يتبع ....

Saturday, October 22, 2005

سراب

يدفعك الشوق لترتمي بين ذراعين من سراب،
تضمه فيهرب منك.

Friday, October 21, 2005

الحياة تقف خلف كل البراهين



هذه الأيام الغريبة ، الكل يترقب وينتظر، الكل يحّمل اللحظات القادمة اكثر مما تحتمل، لما ننسى كل هذا التاريخ الموغل في القدم، هذا التاريخ المليء بالأنكسارات، كما يمتلئ بالأشراقات، كيف يدركون انه لا مفر من الوصول إلى قناعة كاملة بأننا على خطأ حتى يتسنى لنا التفكير بطريقة لتصحيح تلك الأخطاء...

Monday, October 17, 2005

Dear Eve,

إيف العزيزة،

انا بديت رسالتي بعبارة "إيف العزيزة،" وبعرف انها ممكن تكون بداية لأية رسالة، بس انا بحب هي البداية كتير، بحبها لأنها بتطلع بشكل طبيعي وبدون تفكير، لأنه لو كنت راح فكر بشو لازم ابدا رسالتي كنت يمكن ما بديت هالرسالة واللي كان لازم اكتبها، وما بعرف ليش عم اكتبها، يمكن احساس غريب أصابني لما قريت اليوم توقف الأوراق عن السقوط، لأ، كلمة "غريب" مش راح تقدر توصف احساسي، يمكن كلمة غصة بتعبر اكتر، أو كلمة دمعة كبرت كتير ومستحية تنزل،


إيف، يمكن عم أكتبلك وأنا مابعرف شو اسمك الحقيقي ، بس اللي متأكد منه إنه لو طلبوا مني اعطيكي اسم تاني ما راح يكون غير اسم إيف، إيف الانسانة، ومين ممكن يحمل اسم إيف غير انسانة بسيطة وواضحة، وبنفس الوقت غامضة، صريحة وما بتسكت على شي، بس بنفس الوقت بتفضل الصمت على الكلام، انسانة قوية متينة، بس بجواتها طفلة صغيرة ما عمتكبر،

يا إيف، واللي ما بعرف ليش عم اكتبلك، يمكن عم اكتب لإيف اللي حركت بجواتي حب للكتابة كان مات من سنين، او لإيف اللي كانت تكتب بلسان كل الناس وكأنها بجواتهم،

اليوم وأنا عم اسمع صوتك عميصرخ ويقول: "راح توقف الأوراق عن السقوط" ، قررت أكتبلك وانا عم قول لحالي مش هم الأوراق، سقطت أو توقفت عن السقوط، الشجرة هي الأصل، الشجرة هي اللي جذورها ممتدة بالأرض، وانا بعرف انه إيف شجرة، وبقدر قول انها شجرة أرز، ايه، مين ممكن يكون شجرة أرز أكتر من إيف بنت بلد شجر الأرز عنوانه،

إيف، مش هم الأوراق، الهم انتي، ايه، يمكن بلشت اعرف ليش عم اكتبلك، يمكن لأنه بدي اتطمن عليكي، يمكن لأنه طالما إيف بخير فالدنيا بألف خير!!



أعذري رسالتي، لأني مش راح عيد قرائتها ونقحها لأني كتبتها بدون تفكير، ولأنه لو فكرت ما كنت كتبتها، و لو نقحتها، يمكن ما ابعتها، منشان هيك راح ابعتها متل ماهي،



Iron Mask

Saturday, October 15, 2005

!!حين يغيب الأخر



سأعود لأكمل الموضوع ...


عجزت في البداية ان أكتب في هذا الموضوع، افتكرت انه لو عدت ثانية قد اجد ما اقوله، ولكن على مايبدو القضية اكبر من مرور الساعات، كل ما لدي في رأسي كلمات سارتر " الأخرون هم الجحيم"


Wednesday, October 12, 2005

سيراليزم

أندريه بروتون

من "أسماك ذَوَبانيّة"
20
عنَّ لشخص ما ذات يوم أن يجمعَ في كأسٍ من الطين الأبيض زغبَ الفواكه؛ وقد طلى بهذا البخار مرايا عدة وعندما عاد بعد زمن طويل، كانت المرايا قد اختفت. نهضت واحدة بعد الأخرى وخرجت مرتعشة. وبعد زمن أطول، اعترفَ شخص ما بأنه قد التقى، عند عودته من عمله، بإحدى هذه المرايا، فأقترب منها تدريجاً وأخذها إلى بيته. كان شاباً مبتدئاً جميلا جداً، ملابس عمله الوردية جعلته يشبه حوضاً مملوءاً بالماء غُسِلَ فيه جرحٌ ما. ولرأس هذا الماء ابتسامة كأن ألف طير يبتسم في شجرة ذات جذور غائصة. صعّد المرآة بسهولة في بيته وكل ما تذكّره هو أن بابين قد أصطفقا عند مروره، مقبض كل واحد منها كان يؤطرها لوح زجاجي ضيق. كان قد أبعد ذراعيه ليسند حِملَهُ الذي وضعه فيما بعد بألف حذر في زاوية الغرفة الوحيدة التي كان يسكنها في الطابق السابع، ثم خلد إلى النوم. طوال الليل، لم تغمض له عين؛ كانت المرآة تتغوّر انعكاساً سحيقاً لم يُعرف من قبل ولمدى لا يُصدق. لم يكن للمدن سوى وقت الظهور بين سُمْكيها. مدن من الحمى شقَّت عُبابَها النساء فقط من جميع الجهات، مدن مهجورة، مدن ذات عبقرية أيضاً، تعلو بناياتها تماثيل متحركة، وبنيت فيها مصاعد الحمولة على شكل البشر، مدن عواصف فقيرة، وهذه المدينة أجمل وأكثر تهرباً من الأخرى التي فيها القصور والمعامل على شكل أزهار: فذات اللون البنفسجي مثلا كانت مربطَ قوارب. عوضاً عن الحقول ثمة سماوات على الوجه الآخر من المدن، سماوات ميكانيكية، سماوات كيميائية، سماوات رياضية، حيث كانت صور البروج تتحرك، كل واحدة في محيطها، إلاّ أن الجوزاء كانت تعود أكثر من الأخرى. أستيقظ الشاب في الساعة الواحدة فزعاً إلى المرآة مقتنعاً أنّها أخذت تميل منحنيةً إلى الأمام وعلى وشك أن تقع. استقامَها بصعوبة. فإذا هواجس أخذت تساوره، حتّى قرر أن العودة إلى الفراش أمر خطر فبقي جالساً على كرسي أعرج على بعد خطوة فقط من المرآة وبمواجهتها بالضبط. شعر بتنفسِ شخصٍ غريب في الغرفة... لاشيء. ثم رأى شاباً أسفل الباب الكبير، والشاب هذا كان عارياً ولم يكن خلفه سوى منظر أسود ربما مصنوع من ورق محروق. فقط أشكال الأشياء بقيت وكان من الممكن التعرف على جوهر هذه الأشياء المسبوكة منه. في الواقع، ليس في الأمر خطورة. فبعض هذه الأشياء كانت تعود له: مجوهرات، هدايا حب، بقايا طفولته، بل حتى قنينة العطر هذه التي لا يمكن العثور على سدادتها. أما الأشياء الأخرى فكانت غريبة عليه، ومما لا شك فيه أنه لم يستطع استجلاء ما تنطوي عليه من وظيفة في المستقبل القريب. كان المبتدئ ينظر أبعد فأبعد في الرماد.خامره ارتياح فيه شيءٌ من الشعور بالذنب، من رؤية هذا الشاب المبتسم ذي الوجه الشبيه بَكرةٍ في داخلها ضُرَيسان يطيران، يقترب من يديه. أخذه من خاصرته التي هي خاصرة المرآة، أليس كذلك، وما إن غادرت الطيور، حتّى ارتقت الموسيقى طول الخط الأبيض الذي كان يتركه وراءه طيرانهم. ما الذي حدث في هذه الغرفة؟ المهم، أن المرآة منذ ذلك اليوم لم يُعثر عليها، ولم أقرّب فمي من إحدى شظاياها المحتملة الوجود، من دون أن يصيبني انفعال شديد حتى لو لن أرى في آخر الأمر ظهور الخواتم المصنوعة من زغب الطير، البجعَ على وشك الغناء.

Sunday, October 09, 2005

!!!الحرية أكبر

اسبوعاً غبته عن هذا العالم الوهمي لأكتشف مذعوراً أن السعودية أعلنت جدران النار في وجه ساكنيه، وأن أخرين أكتشفو لديهم قدرة لفلترة الوهم عن بقية الأوهام،البعض يستنكر والبعض يوافق و البقية تصمت....


هذا عالم يذكرني بعالم واقعي هربت منه الى عالم الوهم،وهكذا أعود إلى متاهة الواقع وهكذا تعود لتنمو من جديد يا أيها الذنب الذي لم يرتكبك أحد، تعود لتطفو على سطح عقولنا، لتعلن سخريتك من آمال ماتت قبل ان تنتشي بذورها، فكيف لي ان ابقى فوق أرض لاتحمل في ارحامها سوى جثث لن تعيش لحظة ولادتها، فقط بضعة من حسن النوايا هي كل ما بقي من إرث لم نرثه بطيب خاطرنا، فهل نقبل ونرضى، ام هل نحمل بقايا خطايانا ونرحل في افق ابعد من النسيان....


أنرحل بعيداً عن هذا العالم الوهمي الذي خلت لحظة انه ينأى عن ايدي يمكن لها أن تفكر بوأد الحرية دون قتلها؟ أيدي أختارت الوأد لأنه وحده يقتل دون سيل دماء يثير الشبهات!!

الحرية أكبر!!!

Wednesday, September 28, 2005

أين المفر

يقترب رمضان و تقترب معه نفسيتي من الحضيض، والحضيض كلمة قليلة على الحالة التي اصبح عليها في هذا الشهر الذي لا مفر لي من كرهه، كل سنة اقنع نفسي بالتأقلم مع الحالة التي تصبح عليها الناس في هذا الشهر ، ولكن يبدو ان محاولاتي كلها تذهب أدراج الرياح،
ففي السنة الماضية عملت جاهدا لأكون خارج بلدي وحتى خارج الوطن العربي وخارج اي بلد يكون فيه رمضان، و عملت المستحيل لكي اتواجد في باريس خلال شهر رمضان، نعم لم يخطر ببالي افضل من باريس للهرب منه، كل شيء كان معداً بشكل دقيق ، حرصت على ألايكون هناك اية هفوة، الفيزا، مواعيد السفر، مكان الأقامة، ما كان ينقصني اي شيء، كانت سعادتي لاتوصف بفكرة هروبي منتصرا من ذلك الشهر، وكيف لايكون الهروب نصراً في مثل هذه الحالة، كانت الايام تمضي مسرعة و كلما اقترب شهر رمضان كنت ازداد غبطة وفرحاً، نعم يقترب الشهر و يقترب موعد هروبي منه، ساعة حان موعد الطائرة كانت لحظة انحبست فيها انفاسي، ارض باريس الرائعة، أي عشق يتنامي عندي لأي أرض لايطأها رمضان، كانت الليلة طويلة بما فيه الكفاية في شوارع باريس، كانت رائحة الباستيس تملئ الحانة التي سهرت بها تلك الليلة، عدت متأخراً للبيت الذي استأجرته في أحدى الضواحي، كان رأسي المثقل يمنعني من التفكير بأي شي ، حتى اني نسيت رمضان وسبب وجودي في باريس، ورحت أغط في نوم عميق، في تلك اللحظة التي انهالت فيها طرقات قوية على الباب حاولت تجاهلها ولكن قوتها كانت قد اثارت اعصابي، انطلقت نحو الباب و فتحته، كان خلفه شاب صغير السن عربي الشكل، قال لي بعربيته الركيكة "علمنا من صاحب البيت انك من سوريا ولوحدك، وقلنا نصحيك أحسن ما يروح عليك السحور"....

Monday, September 26, 2005

قصة وجه جميل!!

أحيانا كنت أحب أن أرسم الوجوه الجميلة التي ألتقي بها ...
ولكني وفي هذه المرة استغرب أن أحاول الكتابة عن الوجه الجديد والمحبب بشكل ما..
ويبدو أن السبب في ذلك يعود لأن هذا الوجه الجميل غير كاف للتعبير عن الأثر الذي تتركه صاحبة هذا الوجه في داخل الأشخاص الذين يلتقون بها ...
أو ربما لأنني لم أهتم منذ البداية لصاحبة هذا الوجه الجميل ولكن مع هذا فإن جمالها هو المفتاح إلى قلوب الآخرين قبل أي شيء أخر (كما هي العادة) ...
ويبدو لي أن هذه العادة هي في الوقت نفسه مفتاح لهذه الشخصية ، فقد اكتسبت صفة دفاعية ضد الأشخاص الذين اعتادوا ذلك!! وبما أنها صفة مكتسبة فهي ليست من طبيعتها وللمفارقة فهي صفة مخالفة لطبيعتها ، مما جعل بعض التناقض ظاهراً في تصرفاتها ،تحاول أن تخفيه جاهدة بواسطة الحدة في هذه التصرفات (جفاصة كما تسميه هي).

ولا أدري إن كان الرسم يستطيع أن يعبر بألوانه عن كل هذا و ربما يتحقق ذلك بوجود رسام مبدع و لا أظن أني ذلك الرسام.
و لربما لو حاولت رسم تلك اللوحة فسيكون اللون الأزرق هو اللون الطاغي على جميع الألوان و لا أدري لماذا أرتبط هذا اللون الأزرق بشخصيتها في ذاكرتي ،فاللون الأزرق السماوي يلون خلايا ذاكرتي مع ذكرها.

يمكن للرسام أن يقوم برسم لوحته على مدى أشهر طويلة ،يرسم متى شاء ويتوقف عن الرسم متى أحب ،ولكني أشك بإمكانية الكتابة على فترات طويلة فالأفكار سرعان ما تتغير أو تتلاشى ولا يمكن الحفاظ على أية فكرة إن لم يتم كتابتها دفعة واحدة ...
هذا ما أشعر به الآن عند محاولة الكتابة بعد فترة انقطاع دامت عشرة ساعات فصلتني عن الأسطر السابقة ، وخلال هذه الساعات مررت بالكثير من الأحداث والأفعال وأمتلآت ذاكرتي بالأشياء التي حدثت معي وأظن أن ما أردت قوله في ذلك الوقت قد نسيته تماماً ، ولكني أحس بإمكانية استرجاع الانطباع السابق وربما أستطيع الآن أن أعبر عنه بفكرة جديدة قد تكون مختلفة ولكنها بالتأكيد ناتجة عن انطباع تلك الفتاة الرائعة بحق...

أشعر بارتياح كبير لأناس يجعلوني أشعر بالسعادة وأدعوهم أناس رائعون...

فهي فتاة تحب المرح وهي تسعى إليه وتمتلك غالباً الحيوية و الطاقة لإيجاد المرح بأية وسيلة وفي أية ظروف ...
ورغم كل الظروف التي تحيط بها تقول أن الحياة جميلة لذلك فهي بحق فتاة مرحة... ولكن مرحها هذا قد يكون أحياناً على حساب الآخرين إن اقتضى الأمر ، وهي تشعر بضرورة ذلك أحياناً ( ويبدو أنها طريقة دفاعية أخرى تدعوها "تلطيش") وهو أمر مقبول من وجهة نظري ... ولكني لا أزال في حيرة من أمري فهل يوّلد هذا المرح كله السعادة لديها أم هي تكتفي بأنها تمرح فقط و لايهمها غير ذلك ؟؟؟

يبدو أنني انسقت مع أفكاري وهذه هي واحدة من مساوئ الكتابة ، فالكتابة تجعل الأفكار تنساب مع انسياب القلم فوق الورقة .. ولكن الرسم هو مجرد صورة لانطباع راسخ أو إحساس ما دون أفكار و دون ارتباط بأحداث و أزمان معينة .... و لكني اخترت أن أكتب و بالتالي لا بد من التفكير ، و سأحاول أن أدع لانطباعاتي التأثير الأكبر على هذه الكلمات ...

ولكني وبشكل ما أحاول أن أهرب من الانطباع الذي يملئ داخلي عند ذكر هذه الفتاة ،فأول انطباع أحمله تجاهها هو أنها فتاة مزعجة بشكل ما و لكنه انطباع غامض لا أعرف له سبباً وأكثر ما فيه غموضاً أنه يتلاشى عندما أراها و حالما تواجهني ابتسامتها وأشعر بالذنب لما أحمله من انطباع ربما كان خاطئاً ..... وكثيراً ما كنت أحاول أن أعبر عن أسفي تجاه ذلك ... و لكن هذا الانطباع يشبه كثيراً ما نحمله من ضيق تجاه تصرفات طفل صغير و مدلل و شقي ولكننا نقبل به لأنه طفل صغير و بريء .....
كثيرة هي المشاعر المتناقضة التي تولدها بداخل أي شخص يعرفها و كل من هؤلاء يتصرف بشكل مختلف حسب إدراكه لطبيعتها وأهدافه التي يرسمها و أظنها من الذكاء فتدرك أبعاد الأمور بسرعة و يمكن لها أن تتصرف بثقة و قوة تعيد الأمور إلى نصابها بأية طريقة كانت و أحياناً دون النظر إلى النتائج...

إنها (رغم كل شي) فتاة جيدة و سيكون ذلك في بقية الحديث ....

عادة ما يتمتع الرسامون بخيال واسع ، ولا أدري لم أحمل أنا هذه الصفة فغالباً ما تتحول الكلمات التي أسمعها إلى صور في مخيلتي و كثيراً ما أبحث عن شبيه لخيالاتي في الواقع ...

كانت كثيراً ما تتحدث عن أبيها و كنت قد رسمت صورة هذا الأب في مخيلتي بما يتناسب مع ما تتحدث به عنه ، وكثيراً ما روت عن طباعه وشخصيته وكذلك قالت أشياء أخرى مثل كم يبلغ عمره و ذكرت مرة أن له بشرة سمراء اللون و قامة طويلة ومن كل هذه الصفات حاولت أن أتخيل له صورة وفي كل مرة تذكره فيها ، و لكني لم أهتد أبداً إلى صورة مقنعة ومناسبة لهذه الشخصية، و عندما قابلته للمرة الأولى حاولت بشكل سريع أن أطابق بينه و بين تلك الصور التي رسمتها له في مخيلتي ، لكنها كانت مختلفة بشكل أو بأخر .... فلم يتبادر لذهني أبداً أن يكون طوله مترافقاً بكرش غير متناسب مع هذا الطول و خاصة أن بنيته نحيفة نوعاً ما... أما تلك القبعة التي يضعها على رأسه فرغم معرفتي بأنه يخفي رأسه التي بدأت تخلو من الشعر بقبعة سوداء اللون و لكني لم استطع أن أتخيل كيف ستكون تلك القبعة على رأسه....
أما بشرته السمراء فهي أكثر ما أدهشني و يبدو كأنه عاش طوال حياته تحت أشعة الشمس مع أن هذا غير صحيح فهو متقاعد منذ زمن وفي عمله لم يكن يتعرض للشمس( كما علمت منها).
ولكن أغرب ما في الأمر أن شكله لا يناسب عمره و هو يبدو أصغر من عمره الحقيقي .... وبدا هذا واضحاً بالنسبة لزوجته التي كانت تقف معه و التي يبدو أنها امرأة كبير السن تشبه بشعرها الأبيض الجدات في قصص الأطفال... و لكنها أثارت استغرابي بوقوفها إلى الخلف منه و على بعد عدة خطوات!! فإذا كان هذا هو وضعها بالنسبة له كزوجة فأين هي منها كأم .....
الأم ..هذه الكلمة التي تثير بداخلي غموض كبير .....
فبقدر ما حاول الرسامون رسم الأم بين ألوان لوحاتهم أرى اللوحات كأم تضم الألوان بين جناحيها .... وأظنهم لا يرسمون الأم بين تفاصيل لوحاتهم و لكنهم يرسمون التفاصيل لتشكل أماً ...
ولا أدري أين هي الأم عند هذه الفتاة فكل ما أعرفه أنها كانت زميلتها في العمل وهذا ما كان يعطيها أماناً و قوة في عملها ، وما أشد الفراغ الذي سببه ترك الأم لعملها بسبب كبر سنها ومرضها !!! ورغم اعترافها بذلك فهي كما يبدو لي كانت دوماً تحاول الوقوف موقف الند من هذه الأم.....
الأم التي أنجبتها مع توأم لها كان الابن الوحيد للعائلة مع وجود أختهما الكبرى ولأن لديهم عادات اجتماعية لم أفهمها أعطت الأم أبنتها لأختها وأبقت وحيدها ليربى في حضنها .... فكانت لها أماً ثانية هي خالتها ... وربما يكون طبيعياً أن يربى الطفل عند أخواله وبعيداً عن حضن أمه و لكن في حالة وجود توأم ،يربى أحدهما عند أمه و أما الأخر فيفقدها ... فأظن ذلك قد جعلها تصنع من خالتها أماً بديلة لها وتركت أمها أماً لأخيها و لكنها كانت فتاة ذكية فلم تتخلى عن أبيها و حولت علاقة الأبوة إلى علاقة صداقة لتكون ومنذ البداية نداً قوياً لأمها ... و كل هذا جعل منها فتاة عنيدة (سماوية) لا ترضخ بسهولة , لكن الأم و بكل ما في أمومتها من ذكاء فطري للتعامل مع الأبناء تستطيع مع الزمن أن تخضع أبنتها للقيم ومتطلبات البيئة الاجتماعية وأظنها استطاعت أن تحول عناد أبنتها إلى خدمة هذه المتطلبات الاجتماعية ... وأظن أن هذه الظروف جعلت منها فتاة محظوظة لأن خالتها كانت أماً رائعة وهذا ما لاحظته من خلال كلامها معها أو حديثها عنها .. و قد تركت داخلها جزءاً كبيراً من تلك الروعة تحمله معها دوماً. وأعلم أنها تعيد لها صنيعها ذلك الآن ....

كل هذه الأشياء جعلتني لا أفهم في البداية كيف لشخص يملك طباعاً هادئة مثلي أن يتعامل مع فتاة مثلها ، كثيراً ما كان يثيرها طباعي .. و لكني أكتشف فيما بعد أننا لحسن الحظ تقاسمنا نوعاً من التعاطف اٌستهزائي و هو شيء يشبه المودة إلى حد بعيد وقد ساعدنا ذلك في تحمل كل منا للأخر .....
كل هذا كنت قد توصلت إليه بنفسي أو استنتجته استنتاجاً لكن هناك جزء مهم جداً لا بد لي من الحصول عليه أنه الجزء الذي يجب أن تحكيه هي عن نفسها ، فهي لا تتحدث عن نفسها أبداً و دائماً تقول ليس هناك من شيء مهم ، و لكني أود أن أسمع منها هذا الجزء الخاص الذي يخفيه كل شخص بداخله ولا يقوله إلا في لحظات خاصة جداً و لكني لا أعرف كيف سأصل إلى ذلك الجزء و فيما إذا كنت أستطيع الوصول إلى تلك اللحظات في حياتها وأظن هذا أمراً صعباً (شبه مستحيل) و غير ذلك لن يكون لدي ما أزيده على كل ما توصلت إليه....

وبعد صمت طويل يكون انفجار البراكين هذا ما علمتنا إياه الطبيعة ...
الطبيعة التي استطعنا مع الزمن فهم آليات عملها و تعلمنا كيفية السيطرة على الكثير من هذه الآليات وتقبلنا ما لم نستطع عليه أو فهمه...
لكننا لم نزل عاجزين عن فهم هذه النفس البشرية وآلية عملها ... فنحن نفهم انفجار البراكين ولا نستغرب صوته الهائل ولا حممه البركانية المنبعثة وندرك كيف تعبر الطبيعة بكل هذا عن نفسها ...
ولكني أستغرب هذه الإنسانة التي انفجرت أخيراً و لكنها كانت تحاول أن تكتم صوت الانفجار و تحاول ألا تقذف الحمم و هي تحاول أن تكتم الانفجار ذاته .... من أين للإنسان بهذه المقدرة التي لا تملكها الطبيعة نفسها ....

ما أروعك أيتها الطبيعة بكل ما فيك ... ولأشد ما أشعر بتعاسة هذا الإنسان الذي لم يتعلم منك الدروس الكثيرة ....
قلت لها انفجري كما يشاء الانفجار و لا تكتمي صوتك، لا تدع التمرد بداخلك يستسلم ،دع كل شيء لطبيعة الأشياء ، ولكن عبثاً حاولت فكل ما حصلت عليه منها أنه ليس هناك فائدة من كل هذا ....
وما الذي يفيد إذا ،إني لأدرك طبيعة الأشياء كالحجر مثلاً و أتقبلها كما هي ، أو عندما يتفتت الحجر رملاً ...
لكني أرفض أن أتقبل أي إدراك لطبيعة الإنسان حين لا تعود جزءاً من طبيعة الأشياء....

موت عميق

ابتعدوا عني ودعوني أموت!! هذه كانت أخر الكلمات التي قالها قبل ان يطوى التراب تحته اثار حياته،في قبره كان وحيدا كما في حياته، و كيف له ان يأمل بأكثر من قبر فارغ إلا من ظلام يكسو جدرانه، كان فرحاً بقبره الوحيد حين دفنوه، وراح يغط في موت عميق، وكأن الموت وضع حداً لأحلامه اليائسة التي ما كانت تدعه في حياته، وحده الموت ينهي اسوأ الكوابيس هذا ما كان يقوله لنفسه دوماً ...

صوت الهاتف يرن، يستيقظ من حلمه الغريب !!
"من المتصل؟ " مؤسسة تحلية المياه ، اه، نعم، نعم سأكون على الموعد إنشالله !!
بعدها ينظر لوجهه في المرأة و يضحك بأعلى صوته..

Saturday, September 24, 2005

أختزال


So deep like an ocean!!!!

ليس لهذه الجملة اية قصة سوى اني كتبتها لأن الورقة التي وجدتها أصغر من أن تتسع للكثير من الأفكار التي تنتشر في رأسي، فبحثت عن أصغر فكرة قد تتسع لها الورقة... ويبدو ان صغر هذه الورقة جعل من فكرة الاختزال تسيطر على تفكيري، فلا زلت اذكر تلك الكلمات التي قرأتها في يوم من الايام، ومنذ تلك الايام و فكرة الاختزال تثيرني..
لم يتبقى سوى سطر واحد في الورقة الصغيرة، وهاهي اخر الكلمات التي تتسع لها الورقة وقد كتبتها

Thursday, September 22, 2005

الشيطان في الجنة - هنري ميللر

إنني أعتذر، قلت، لكنك تعرف بأنني خشن و مباشر في الغالب ،لكن هذا لا يعني بأنني أنوي التقليل من شأنك أو الاستهزاء بك , كنت أود أن أقول لو أجبتني على أسئلتي، أجبني إذاً فوراً: أيهما أكثر أهمية بالنسبة لك الأمان و البهجة أم الحكمة ؟ و إذا كانت الحكمة ستجعلك سعيداً، فما هو اختيارك؟
كنت أتوقع منك أن تجيب بأننا لا نملك الخيار. ربمــا . بقيت أمريكياً بشكل مرعب، قلت ،أي ساذجاً و متفائلاً و مغفلاً، وربما لم أتعلم خلال السنوات الخصبة في فرنسا سوى تقوية و تعميق طبيعتي الأصلية، لست سوى أمريكياً، مائة في المائة ،بعيني شخص أوروبي، أمريكي يكشف أمريكيته مثلما يكشف جرحاً, إذا أعجبك هذا أم لم يعجبك ،فأنا نتاج هذه الأرض الغنية، شخص يؤمن بالوفرة و يؤمن بالمعجزات ،لقد تحملت الحرمانات التي مررت بها لوحدي، و لا ألوم شخصاً على ما فاتني و على أخطائي و آلامي أكثر مما ألوم به نفسي، و لقد تعلمت خلال مجرى الحياة بعمق ما كنت تتخيل آن بإمكانك تعليمي إياه بفن التنجيم، و قد ارتكبت جميع الأخطاء التي يرتكبها إنسان، و دفعت الثمن، و هاأنا ذا أكثر غنى و حكمة و أبعد سعادة مما لو كانت الدراسة و التأديب قد علماني، تجنبت المكائد والأحابيل، إن فن التنجيم سيمتع ذواتنا المستترة إذا لم أخطأ، الذات المستترة لا تهمني، و ما يهمني هو الإنسان الذي يحقق و يبرز هذا الاستتار، من هي هذه الذات المستترة ؟ أليست حصيلة كل ما هو إنساني، أي إلهي بمعنى أخر، هل تعتقد بأني أفتش عن الإله ؟ كلا الإله موجود، و العالم موجود و الإنسان موجود، نحن موجودون ،الواقع الكامل تماماً هو الله نفسه، الإنسان و العالم و كل ما يتضمن بما في ذلك الأشياء التي لا تسمى، أنا مع الواقع، مع واقع أكبر فأكبر، أنا متعصب للواقع إذا شئت ..... ما هو فن التنجيم ؟ ما هي علاقته بالواقع ؟ بالطبع له علاقة مع بعض الأمور ،مثلما لعلم الفلك و التشريح و الرياضيات و الموسيقى والأدب، كما أيضاً مثلما للبقرات في المرعى و الأزهار و الأعشاب التالفة و الزبالة التي ترميها الحياة، من زاوية معينة فإن بعض الأشياء ستبدو ذات أهمية أكبر من الأخرى، بعضها له قيمة كما نقول و الأخريات ليس لها، كلها لها قيمتها و مهمة، أنظر لأشياء مثل تلك و سأقبل فن تنجيمك .

= هاأنت في واحدة من أيامك السيئة، من جديد، قال ذلك و هز كتفيه ...

- أعرف، أجبت، كن صبوراً معي، سيأتي دورك في الحديث، من وقت لوقت أتمرد حتى على ما أظنه روحي كلها، يجب أن أغضب على شيئاً ما، بما في ذلك نفسي، لماذا ؟ لأنني كنت أبسط الأمور، نحن نعرف الكثير و هذا قليل، حقيقة، العقل يخلق لنا المنغصات و ليس الذكاء، لأننا لا نملك من هذا الأخير ما يكفي أبداً، لقد اكتفيت من سماع من لا يملكون سوى وتر واحد في كمانهم، لا أنفي شرعية فن التنجيم، و ما أقاومه هو هذه العبودية لوجهة نظر واحدة مهما كانت، هنالك بالطبع قرابات و تماثلات و تطابقات، ثمة إيقاع سماوي و إيقاع أرضي و سنسبح في الجنون من دونهما كليهما، إننا نعرف ذلك و نرضى به، فلماذا ننساه إذاً ؟
أريد أن أقول لم لا نجعله جزءاً حيوياً من الوجود، آه، نمتصه و ندمجه و نوزعه في مسام جلدنا لكي لا ينسى، يغير و يستخدم من أجل خدمة الحياة، أشعر بالرعب من البشر الذين يعتقدون بحتمية مرور الأشياء كلها خلال فلتر اللغة الوحيدة التي يعرفونها، سواء أكانت فن التنجيم أو الدين أو اليوغا أو السياسة أو الاقتصاد أو أي أمر أخر .....
قضية واحدة تثير فضولي في كوننا ّ قضية واحدة تريني بوضوح أنه كون إلهي، و هو ينجم بسهولة مع جميع التفسيرات و لا ينسجم معها، إن كل ما نقوله عنه دقيق و غير دقيق في آن واحد، إنه يتضمن حقائقنا و أخطائنا، و مهما فكرنا به فلن تغير أفكارنا منه شيئاً، و لكن لنعد الى النقطة التي ابتدأت منها، إن حيوات متنوعة تنفتح أمام كل واحد منا، و كلنا نرغب بظروف أكثر انسجاما و لطافة، ونريد الاستفادة منها، هل علينا و الحالة هذه الركض الى الكتب و الى المربين و الى العلم أو الدين، أو الفلسفة ؟ و هل نحتاج لمعرفة المزيد و المزيد هو قليل لنبلغ الشاطئ الأخر؟ ألا نستطيع حقاًأن نعي الأشياء دون إخضاعها لذلك التعذيب .

=إن الحياة ليست سوى مشهد صلب المسيح، قال لي، و إن معرفة فن التنجيم لن تغير من الحقيقة المؤلمة هذه شيئاً.

-والاستثناءات ؟ أنا متأكد من أن ....

=لا توجد استثناءات، تابع، كل أمرئ حتى الأكثر حنكة لديه ألامه و عذاباته ،الحياة صراع أزلي لا يبقى لنا سوى الهموم و العذابات، العذابات التي تعطينا قوة و فضائل ...
-لماذا لأي هدف ؟

=لكي نتحمل عبء الحياة بشكل أفضل !

-هنا رؤية متشائمة، و النتيجة فإن هذا يعادل خوض معركة نعرف سلفاً بأننا سنخسرها .
=و لكن يوجد شيء أسمه التضحية .

-هل هذا هو الحل ؟

=نعم بالنسبة للبعض، و كلا للآخرين، ليس لدينا الخيار.
-بالشرف، هل يوجد برأيك ما نسميه الخيار؟ فكر قبل أن تجيب.

=نعم أؤمن أن لدينا الخيار أحياناً. و لكنه خيار أكثر ضيقاً مما نفكر عادة . نحن أحرار بالاختيار في حدود مصائرنا ! إن فن التنجيم يمتلك أهمية قصوى في إدراك الظروف التي تشرف على تطورك، الظروف التي يجعلها التنجيم واضحة، عندها سوف لن نختار ما لا يمكن اختياره.

-إن حياة الرجال العظام، قلت، تعلمنا العكس تماماً.

=إنها تبدو كما تقول، و لكن إذا تفحصنا طالعهم فأننا سوف نصعق من صعوبة أن يختاروا شيئاً خلاف ما كانوا قد اختاروه حقاً، إن ما يختاره المرء هو دائماً منسجم مع سجيته، في مواجهة مشكلة معينة، فإن نابليون سيتصرف بطريقة معينة و القديس بول بطريقة أخرى...
-نعم، نعم، أعرف هذا كله، قاطعته، و أعرف أيضاً، أو أظن بأنني أعرف، بأن القديس بول كان القديس بول، وأن القديس فرنسوا هو القديس فرنسوا و أن نابليون كان نابليون، وأنهم قد حققوا معرفة قوية بفن التنجيم، أن نفهم حياتنا و مشكلاتنا و نفحصها بتعمق قليلاً فقليلاً، و أن نستبعد ما ليس ضرورياً حقاً، لا شيء من هذا يهمني بعد، إن النظر الى الحياة باعتبارها عبئاً، باعتبارها ساحة للمعارك، باعتبارها مشكلة إنما هي طريقة تجزيئية للنظر الى الحياة، إننا نردد فقط بيتين من الشعر أكثر من مجلد ضخم متبحر، لكي نعطي للأمور حقها علينا أن نجعلها شعرية، و هكذا فأن الوسيلة الوحيدة بالنسبة لي لكي أستمتع بفن التنجيم أو بجميع الأمور الأخرى، هي أن أضعها في زاوية نظر شعرية أو موسيقية، إذا قامت هذه الزاوية التنجيمية بإنتاج إشارات جديدة و إيقاعات جديدة، و ارتعاشات جديدة، فلقد أدركت هدفها برأي، إن المعرفة تثقل و الحكمة تحزن، أما الحقيقة فلا علاقة لها بالحكمة و المعرفة، إنهما خلفهما، إن بعض يقيننا يقف خلف البراهيــــن .
يزعم المثل الجاري أنه لا بد من توافر شيء من كل شيء لخلق عالم معين !! إن هذا لن يحتمل إذا تعلق بالأفكار لنضع جميع اللوحات، جميع الأفكار و الفلسفات سوية، كل هذا الخليط لن يولد شيئاً، إن نتيجة المعارف جميعاً ليس سوى التباس أكبر حجماً.
إن الفكر يهرب، و العقل ليس هو الفكر، الفكر نتاج الأنا، و لن تهدأ الأنا أبداً و لن تقنع، متى بدأنا نعرف بأننا نعرف، متى توقفنا بالاعتقاد بأننا سوف نعرف ؟ تجيء الحقيقة مع إعادة الحسابات و هي دون كلام، الدماغ ليس هو الفكر، إنه طاغية يريد السيطرة على الفكر.
ما علاقة كل هذا بفن التنجيم؟ لا شيء، و كل شيء مع ذلك، بالنسبة لك أنا أحد أنماط برج الجدي، بالنسبة لمحلل نفساني أنا أمر أخر، بالنسبة لماركسي فأنا جل لمادة الخ ..... ماذا يعني هذا بالنسبة لي ؟ و بما تتعلق بي الطرق التي تشتغل بها آلاتكم الفوتوغرافية؟ من أجل رؤية شخص في كليته و لمعرفته يجب أن توجد أنواع أخرى من الكاميرات، ينبغي توافر عين أكثر موضوعية من عدسة، ينبغي النظر الى الطبيعة الحقيقية للشخصية عبر أضلاع مختلفة تعمينا انعكاساتها اللماعة للحظة، إننا نتعلم المزيد و المزيد و لكننا نعرف الأقل، مجهزون بالأحسن و نرى الأقل عندما نتوقف عن محاولاتنا للنظر و لمعرفة أننا نرى حقاً و نعرف حقاً، الذي يرى و يعرف ليس بحاجة للنظارات أو النظريات، إن جميع مجهوداتنا و نضالاتنا تشكل نوعاً من الاعتراف، و هو وسيلة نستدعيها نحن أنفسنا، بأننا ضعاف و جهال و عمي و دون مقدرة بينما نحن لسنا كذلك .
لقد توصلت الى أن فن التنجيم قد ظهر في لحظة من تطور الإنسان كان فد أضاع فيها الإيمان بنفسه، و بعبارة أخرى في اللحظة التي أضاع فيها اكتماله و كان يفتش عن كينونته، لا تؤرخ الشيزوفرينيا بالأمس أو أول أمس و لكن بعهد بعيد عندما فكك الإنسان ما كان عليه الى عشرة آلاف جزء، و يستطيع حتى الأن أن يموه ثانية تجانسه الكامل ،إن الفرق الوحيد بين الإنسان أدم و لإنسان الراهن ،هو أن الأول كان قد قدر عليه أن يكون في الجنة بينما الإنسان الراهن عليه أن يخلقها، الأمر الذي يقودنا الى مسألة الخيار، بالنسبة للإنسان، فالوسيلة الوحيدة للبرهنة على حريته هي أن يقرر أنه حر، و هذا غير ممكن إلا بإدراكه أنه فقد حريته بسببه هو نفسه، و بالنسبة لي فأن هذا يدل على أنه يجب اقتلاع السلطات التي أعطاها الإنسان للمجهول من المجهول !! كلما تعرف الإنسان على القدرة في نفسه أصبح أكثر حرية، و كلما أصبح أكثر حرية فأنه يفقد القليل من القرارات، وسيغرى بقليل من الخيارات، ومن جهة أخرى فإن كلمة الحرية هنا ليست محلها، سيكون اليقين آنئذ أو العصمة مناسبتين، لا توجد في الحقيقة أبداً سوى طريقة واحدة للتصرف إزاء أي حالة معطاة من الحالات، لا توجد اثنتان أو ثلاثة، الحرية تتضمن خياراً واحداً و هو لا يوجد إلا عندما نعي مقدرتنا، إن المسار المطلع ليس بحاجة للفكرة، لأنه الشيء ذاته مع فكرته و عمله.
يبدو أنني قد ابتعدت عن موضوعي ،و لكن ليس دون التماس معه، أتكلم بلغة أخرى فحسب، أقول أن السلام و البهجة في متناول الجميع، وأن جوهر وجودنا يشابه الإله، أقول أنه لا توجد حدود لا في الفكر و لا في العمل، أقول أننا جميعاً واحد ولسنا متعددين، و أقول بأننا هنا و لن نستطيع البتة أن نكون في مكان أخر، إلا إذا ما نفينا ذلك، أقول أن رؤية الاختلافات هي ما تخلق الاختلافات، إن برج الجدي ليس برج الجدي إلا بالنسبة الى منجم أخر، و أن فن التنجيم يستفيد قليلاً جداً من الشمس و القمر في حين هناك ملايين أخرى من الكواكب من الأكوان الأخرى، من النجوم و المذنبات والنيازك الأخرى، هل يستطاع حساب مساحة الفضاء أو حجمه أو إشعاعاته، ألا يشكل ذلك كلاً متداخلاً؟ من سيجرؤ أن يقول أين تبدأ التأثيرات و أين ستنتهي، من سيجرؤ أن يقول ما هو المهم و ما هو غير المهم فيه. من يمتلك هذا الكون ؟ من يقوده ؟ وروح من تحركه ؟ و إذا ما احتجنا الى مساعدة أو استبشاره و الى توجيهات، فلماذا لا نذهب الى المصدر مباشرة؟ و لماذا لا نسعى وراء هذه الاستشارات و تلك التوجيهات لكي نجعل الأشياء مريحة أكثر و نغدو نحن أكثر فعالية، ولكي ندرك أهدافنا بشكل أفضل؟ فلماذا تكون الأشياء معقدة وصعبة و غامضة و قليلة الإقناع الى هذا الحد ؟ لأننا نقيم في وسط الكون و لأننا نرغب أن تجري كل الأشياء حسب هوانا، ما هو مسموح لنا باكتشافه هو ما يريده لنا هذا المسمى بالحياة و الرب والروح و أيما اسم أخر . إذا كان هدف فن التنجيم يقع هاهنا، حسناً أنا موافق.
شيء واحد أود أن أقوله لأنتهي من الموضوع أخيراً، إنه يتعلق هذه المرة بصعوبتنا الدائمة في علاقتنا مع الآخرين، خصوصاً الذين يبدون أنهم يشكلون مشكلتنا الأولى، إن وجهة نظري هي إنه إذا توجب علينا أن نحسب الاختلافات و التباينات بين هذا و ذاك لكي نتفاهم فلن نحصل على معرفة كافية لتقوم علاقاتنا دون صعوبة، و بطريقة مقنعة ،إذا ما أردنا الوصول الى نجاح بذلك علينا تذليل العقبات و صولاً الى الكنه المكين لدى الناس، و صولاً الى الجوهر الإنساني المشترك بيننا جميعاً، هذا ليس صعباً و لا يتطلب كفاءة خاصة، لا لعالم نفساني , لا لعراف، و لا حاجة له بأبراج فن التنجيم و تعقيدات ردود أفعالها إزاء هذا و ذاك، ليس ثمة وسيلة وحيدة بسيطة و مباشرة و مشتركة بين جميع أنماط الأبراج، تلك هي ممارسة الثقة و الصدق.
لقد أمضينا حياتنا بمحاولة تلافي الجروح والإهانات التي يجهد جيراننا بتوجيهها إلينا، هذا زمن معكر للصفو بخسارات صافية، إذا وافقنا على نسيان خوفنا و أحكامنا المسبقة فحسب فسيغدو ذلك سهلاً، أن تكون أن تكون على صلة بالقاتل كما بالقديس، عندما أرى الناس و هم ينحنون على بطاقات التنجيم في محاولة للهرب من الأمراض و الفقر و الشر أو أي سواها، فإن مصطلحات فن التنجيم تلتغى في رأسي، يصير لدي شعور بأني أشاهد محاولات يائسة لاستغلال النجوم، نتحدث عن القدر كما لو أننا نتحدث عن عقوبة مفروضة علينا و التي هي تأثيرات أسباب أقل سرية مما ندعي، إن غالبية لعناتنا تنتسب الى سلوكنا مباشرة، إنها ليست دمارات ناتجة عن زلازل أرضية و لا عن البراكين أو الزوابع أو اصطخاب أمواج المحيط، إن ما يجعل الإنسان يتألم هي آثامه هو، و حماقاته هو، و جهله و عدم احترامه للقوانين الطبيعية، إن بمقدور الإنسان أن يلغي الحرب و المرض و الشيخوخة وربما الموت ذاته، ليس ضرورياً أن يعيش بالفقر و الشر و الجهل كما ليس ضرورياً أن يعيش بحالة منافسة و تزاحم، إن شروط هروبه من ذلك قريبة إليه، لكنه سوف لن يحققها طالما سينشغل تماماً بمصيره الذاتي الخاص، هل نتخيل طبيباً يرفض الحضور بذريعة خطر الإصابة بالعدوى، و كما قال الكتاب المقدس فنحن أجزاء من جسد واحد، و نحن في حرب ضد بعضنا، إن جسدنا الفيزيقي يمتلك حكمة تنقص من يسكن فيه، نحن نشرع قوانين خرقاء، ليس هناك أيما سر في المرض أو الجريمة و الحرب و ألف ألف من الأشياء التي ترهقنا، يجب أن نعيش ببساطة و حكمة، أن ننسى و نعفو ونتنازل، كيف ستكون لدي حاجة لأعيش في الأمس لكي أستمتع بالغد ؟ ألست بقادر على أن أنسى الماضي الأن لأعيش حياة جيدة قريباً ،إذا رغبت أن أفعل حقاً؟
السلام و البهجة، يكفيني أن أطلبهما يوماً بعد أخر، الصيغة وحدها تكفيني، كلا ليس هذا أيضاً بالحقيقة اليوم، إنها فحسب ( هذا اليوم الجميل) أليس هذا هو عنواناً لكتاب "ساندرار"؟
حاول إذاً أن تجد لي أحسن من هذا إذا استطعت .

Tuesday, September 20, 2005

قصة حزينة عن فرح-تتمة

رغم كل محاولاتي للتهرب من إكمال هذه القصة، كنت في اعماقي اتوقع دائما لحظة أقرر فيها ان اعود لأكتب ما بقي منها، ولا اخفي عن نفسي اني كنت مترددا في إكمالها رغم الرغبة التي تملكتني في إخراج البقية الباقية من كلمات هذه القصة ولم استغرب فضول من قرأها وسألني عن بقية الاحداث، وقد حاولت كثيرا ان اتهرب من الجواب، وعلى مايبدو ان الكلمات التي تبقى حبيسة في العقل! تبقى ولا تزول إلى أن نخرجها منه، وحينها فقط نستطيع ان نشعر بالراحة لأنه لم يكن هناك مجال للهروب من كلمات لابد من قولها.

فهل حان موعد النهاية لهذه القصة القديمة، وهل تنتهي القصص بمجرد ان نخبرها للأخرين، تثبت تجربتي الخاصة، انه لا خلاص من بقايا وأثار القصص علينا، بل نحن نتاج تجارب عشناها، كل تجربة تشكل فينا جزء من شخصيتنا التي بنيت على نجاح او فشل تجاربنا السابقة، والسعادة ليست في نجاح التجربة فقط، السعادة تكمن في ان نعيش التجربة نفسها، ومن هنا نستطيع ان نميز بين تجارب مختلفة في الحياة، تجارب نعيشها بمحض ارادتنا ونكون في موقع المتحملين لنتائجها مهما كانت، ولكن من يتحمل نتيجة تجارب يعيشها المرء بطريق الصدفة او يعيشها تجربة مفروضة عليه كما فرضت عليه لحظة ولادته، وهذا مايعيدنا لقصة فرح وتجربتها،

أن تعيش في ظل عائلة مفككة عاطفياً واجتماعياً هذا شيء تعودنا عليه في مجتمعنا، فليست الروابط الزوجية هي ما يخلق الحب ولا التألف الاجتماعي، وتعودنا على زواج قادر على أن يخلق عائلة مشوهة، عائلة يكون نتيجتها فتاة في العشرين من عمرها اسمها فرح، تحمل اسم فرح ولكن لاتعرف للفرح مكان في حياتها،

فرح التي رغم سعادتي بلقائها في بيت صديقي حسام بعد غياب لفترة طويلة تلك السعادة التي شابها الكثير من الاستغراب والكثير الكثير من الاسئلة التي ملأت رأسي، وقد كان من الصعب ان اتجاوز تلك الاسئلة، فمنذ عرفتها صغيرة كان يملئ حياتها فراغ كبير، ولا اعرف كيف للفراغ ان يملئ حياة شخص ما، أليس هو فراغاً، كانت فرح، طفلة صغيرة عندما قررت امها التخلص من زواجها والارتباط بزواج اخر من رجل يعيش في الكويت ولكن صغر سن ابنتها جعلها تنتظر وقتا اطول لتنفذ مشروعها هذا، وبما انها عاشت تلك الفترة وهي مرتبطة برجل اخر، يعلم الزوج بوجوده ولكنه يعجز عن مواجهة زوجته لأنه كان يفكر في مصير الطفلة الصغيرة وكيف ستكون حياته لو تخلت امها عنها وهي صغيرة، ولهذا توصلوا إلى اتفاق على حياة تسير وكل منهما يرتدي قناع التواصل والذي لم يكن يخفي من النوايا شيئا، كانت وحدها فرح، ترتشف البؤس مع كل قبلة طبعوها على خدها وهم يتمتمون بكلماتهم الغاضبة بسبب بطئ نموها وتأخيرها لمشاريعهم، لقد حملوها ذنب الزمن البطيء، وحملوها كرههم للأنتظار، كانت مثل الكرة يتقاذفونها بينهم.
عندما التقيتها اول مرة، كانت اللعبة قد انتهت وتحولت الى نزاع على الحقوق، كل ما كان يدور حوله النزاع هو ملكية البيت، وملكية المكتب، وباقي الاملاك، وحدها فرح كانت خارج الملكية وخارج أي نزاع وبشكل ما خارج اي اهتمام، كانت الأم تحمل في جعبتها مخطط لزمن قادم بدون طفلتها، وكان الأب يعلم انه لا مهرب له من تولي رعاية طفلته.

وهذا ما صارت إليه الامور في تلك الايام، وبقيت فرح مع أبيها الغارق في أعماله، وكان لابد من ان يساعده احدهم فيها وكنت انا ذلك الشخص ولكن تعاوننا لم يستمر سوى لفترة قصيرة جدا وسار كل منا في طريقه. ولم اعرف كيف سارت الامور بعدها، حتى تكرر لقائي بها وهذا ما سمح لي بمعرفة الكثير فيما بعد، فبعد يومين من لقائنا في منزل حسام في تلك السهرة، اتصلت بي، وطلبت مني ان أزورهم وقالت ان ابوها يسره ان يلقاني مجددا بعد كل هذه السنين،

اعلم انكم تقولون انني احاول تصوير الوضع على انه مأساة وان كل ما قلته حتى الان يندرج تحت الاشياء العادية وانها ليس سببا مقنعا ليجعل حياتها حزينة ومؤلمة، وانا نفسي أقول ذلك فكل ما قلته ينطوي تحت احساسي الخاص وليس بسبب ما سارت بها الحياة معها، كل ماقلته حتى الان هو مجرد احاسيس لم أعرف صدقها إلا بعد ان طرقت الباب في مساء ذلك اليوم وانتظرت ان تفتح لي الباب، لكن خرج لي شاب صغير السن لم يبالي لوجودي ودعاني للدخول وعاد إلى الداخل، لم اعرف ما أفعل، بدأت اصطنع السعال كما هي العادة القديمة قدم هذه المدينة، علّ احدهم يخرج ويرحب بي، اين اختفى ذلك الشاب لما تركني وذهب للداخل، انتظرت لدقيقة ثم قررت الدخول، فأنا اعرف المنزل الذي لم يتغير اثاثه القديم كثيرا، لم تزل الاشياء كما لو انها محفوظة في متحف، كنت امشي خطوة واتلفت حولي، كأني اخشى شيئا ما، اردت ان أنادي احداً، ولكن فرح خرجت مسرعة من غرفتها واطلقت ذراعيها بإتجاهي، وضمتني كما تفعل من تستقبل حبيبها الذي غاب عنها دهراً، لم اكن مرتاحا بين يديها، لم اشعر بمكاني داخل تلك الضمة، حاولت التملل ولكنها لم تدع لي فرصة، امسكت بيدي وسحبتني إلى داخل الغرفة، قالت لي "ادخل نحن جالسون هنا"، أعتقدت أن كلمة "نحن" تعني ذلك الشاب الذي فتح لي الباب ولكني تفاجأت بوجود اربعة من الشبان في تلك الغرفة الصغيرة التي كان يبدو انها غرفة نومها، فهي تحوي سرير في وسطها وكان يجلس عليه اثنين من اصحابها ويتكؤن على بعضهم البعض، اما الاخران فكانا يجلسان على اريكة صغيرة يحشران نفيسهما فيها لأنه لم تعّد لأن تتسع لشخصين بحجميهما. نظرت حولي علني اجد مكاناً اجلس عليه، لكن كان عبثا ان ابحث عن ذلك المكان، وقد لاحظت حيرتي التي بدت على وجهي وجعلت حاجباي المقطبان يلتصقان حتى اصبحا قطعة واحدة،
- "اجلس هنا، افسحو المجال انت وهو.." قالت تلك الكلمات ضاحكة وهي تشير الي جانب السرير، تململت قليلاً، لكن رغبة في داخلي جعلتني انصاع لكلامها، حاولت الخروج من حالة الاستغراب تلك، فسـألتها عن ابيها، ضحكت ثانية وكانت ضحكتها اكثر علواً من المرة السابقة وقالت "سيعود بعد قليل، انت تعرف انه كثير الاشغال كعادته"،
"حسنا، سأنتظره في غرفة الاستقبال اذا،لا اريد ان اقطع عليك جلستكم!!!!.. "
قلت كلماتي هذه وخرجت من الغرفة متجهاً نحو غرفة الاستقبال، وكان منظر الكراسي الفارغة يثير الارتياح لدي في تلك اللحظة!! جلست هناك، ولحقت بي، جلست واخرجت علبة السجائر وعرضت علي سيجارة ولكني رفضت لأني لا ادخن، عادت للضحك من جديد وقالت بلهجة ساخرة "لاتدخن ولم تشرب في السهرة الماضية، ليش عيشتك، من اجل ماذا تعيش؟؟"، ابتسمت ولم ارد على سخريتها، فليس عندي رد على كل ما جري في هذا البيت من لحظة طرقت فيها الباب، كانت قد بدأت تدخن سيجارتها وانا أنظر إليها دون ان اخفي نظراتي، ويمكن ان اقول اني كنت احدق في تلك الفتاة وما يزال حاجباي مقطبان ولم تكن تبالي بنظراتي، سحبت نفساً طويلا من سيجارتها وكأنها تستجمع قواها للكلام الذي لم يكن يخرج معها بسهولة فأستبدلته بضحكة صغيرة، فأعدت السؤال عن ابيها، فضحكت من جديد
- "وهل انت هنا من اجله؟" سؤالها هذا جعل الجو في الغرفة اكثر ضبابية مما جعلة دخان سيجارتها المنتشر حولنا،
-"وما رأيك انت؟" أعدت عليها السؤال بسؤال اخر!!!
-كنت اظن انك هنا من اجلي؟
-لم افهم ما تعنين؟
-ألا تعتقد اني فتاة جميلة؟
-بالتأكيد، جمالك لا يختلف عليه اثنان!
-ألست مثيرة!
-هذا لايعنيني!!!
-ولكن هذا يعني اني مثيرة؟


كان الحديث قد وصل لحيث لم يعد بإمكاني المتابعة بهدوء، كان لا بد من ان اضع حداً لهذا النقاش الذي بدأ دون سابق إنذار، ما الذي يجري في عقل هذه الفتاة، ما الذي افعله انا هنا الان، كانت اسئلة كثيرة كالعادة تطن في رأسي، حاولت ان اعيد الامور لنصابها،
-" اسمعي الان، انا مجرد صديق وانا هنا لأني اردت رؤية والدك ولا أعرف لما تسلكين هذا السلوك معي، هل هناك اي خطأ أرتكبته حتى بدا اني افكر بما تقولين؟؟؟"
-"نعم!! أخطأت لأنك مخيب للأمال.. " قالت كلماتها الساخرة هذه وانطلقت من جديد في ضحكة عالية

لا أدري لما غرقت في رواية كل هذه التفاصيل التي لم تزل مرسومة بذاكرتي كنقش في الحجر، لم تزل في ذاكرتي ضحكتها ولم تزل سيجارتها مشتعلة وأرى الدخان المتطاير في ذاكرتي، متعبة هي هذه الذكريات، احاول ان اذكرها دون ان اتركها تحرك مشاعري، ولكن عبثية المشاعر التي تتحرك مع الذكريات لامجال للسيطرة عليها، أه، من الألم والحزن فهو يختزن في الذاكرة ويمكن له ان يعود دوماً كأنه وليد اللحظة وابن الحاضر.
فرح!! في ذلك اليوم بكت بطريقة لم أعهدها منها حتى في ايام طفولتها، كنت لا أزال اجلس في مكاني اراقبها، حين انطلقت في نوبة بكاء لم تتوقف عنها لحين خروج أصدقائها من الغرفة ليستطلعوا ما حدث فأنفجرت بوجهم صارخة " اخرجو كلكم، اخرجو من هنا" واستمرت بالصراخ "أخرجو جميعا من هنا، لا اريد رؤية أحد!!!" وكلما حاول احدهم التقرب منها، كانت تزداد حدة وصراخاً، كان خروجهم هو الشيء الوحيد الذي فعلوه في النهاية، اغلقو الباب خلفهم وخرجو، فعادت تنظر إلي متسائلة
- "وانت، لما بقيت، لما لم تخرج معهم؟؟؟"
- "لأني انتظر ابو فرح، ألم يقترب موعد عودته ألى البيت؟؟"

لم ينتهي ذلك اليوم، بسهولة، عاد ابو فرح اخيراً، وجلسنا معاً واختفت فرح في غرفتها، تحدثنا عن كل شيء من الماضي، كل شيء ما عدا فرح، لم يتكلم الاب عن ابنته ابداً، اكتفى بالأشارة لسروره عندما علم منها بلقائي مصادفة، وعبر عن امله بلقائي.

كنت في اخر الزيارة احلم ان يكون ما جرى مجرد حلم، لم احب تلك الصورة التي ظهرت فيها فرح، كنت لا أحمل لها في ذاكرتي سوى صورة الطفلة الشقية ولا أعرف بعد هذه الزيارة اي صورة يجب ان تحل محل الصورة القديمة، كنت مشوشا كثيرا، ولم اهتدي إلى جواب!!!

هل مازال لديكم المزيد من الاسئلة، أعرف ذلك ، انتظرو وسأكمل الحكاية لكم ، لكني الان لا أملك المزيد من الوقت

يتبع ........