في كل يوم اجتاز بالسيارة طريقا طويلا من عدة شوارع تمتد من بيتي حتى مكان عملي، يرافقني صوت فيروز وأصوات الزحمة من حولي، في بعض الاحيان يرن جهاز الموبايل، لكني أتجاهله ولا أرد عليه أٌثناء قيادة السيارة، عند اشارات المرور اتطلع من حولي في عيون المارة باحثاً عن اشياء لم أراها من قبل، قد تتكرر المشاهد، لا جديد عن بقية الأيام، الشرطي الواقف بعيونه المغمضة من شدة النعاس يلعن حظه التعس، بينما تلاميذ المدارس يسرعون ليقطعو الشارع قبل ان تنطلق زمامير السيارات قبل أن تنتقل الاشارة للونها الاخضر، عبرت هذه الشوارع مئات المرات وربما ألاف المرات حتى حفظت كل تفاصيلها، كنت أراقب الطريق والاشجار على جانبي الطريق كل يوم ، اراقبها وهي تكبر وكنت اعلم انها ستكبر يوماُ وسأكبر معها، لم أفكر يوما بهذا الطريق كما فكرت اليوم، كيف لم انتبه اليوم لأشارة المرور, كيف نسيت أن أخذ الطريق السريع ودخلت في متاهة الطريق القديمة الضيقة، كل شيء بدا غريبا اليوم، الشوارع، المحلات، كلها كانت مختلفة، حتى قهوة الصباح كانت طعمتها حلوة رغم أنها اليوم خلت من السكر، لم أعتد أن أشربها بدون قليل من السكر، رائحتها اليوم تغيرت عن باقي الايام، طعمتها مختلفة، اشعر بحلاوة في فمي، وكل ما اتناوله يختلط بطعمة حلوة كطعم السكر، احاول تجنب التفكير بالموضوع، لكن لا استطيع ان اوقف تلك الطعمة الحلوة من فمي، اتردد كثير قبل تناول اي شي خشية أن تأتي لحظة وتختفي تلك الطعمة الحلوة، لكن لا يبدو انها ستختفتي بسهولة، فكل ما برأسي من ذكريات يعيد إلي تلك الطعمة المميزة، واستطيع ان اشعر بكل تلك الاحاسيس التي أجتاحتني في الاسابيع الماضية بلحظة واحدة متركزة بطعمة السكر في فمي.