Wednesday, February 14, 2007

تخاريف العيد!!

كثيرون يعبرون منذ الصباح في افق ذاكرتي اليوم واحداً تلو الأخر واسمائهم لم تعد معروفة، كلماتهم فقط تجيء وتروح مع هذيانات الاستيقاظ الباكر، شعور غريب يصيبني حين تتراكم لحظات الماضي كلها دفعة واحدة لتشكل خلايا جسمي المندس تحت غطاؤه في هذا الصباح البارد بينما حبات المطر لم تتوقف بعد، أحلم بصوت مألوف يكلمني عن نهر بردى، أصحى رغم النعاس، اضحك على نفسي فمالي ومال بردى في هذا الصباح، ربما هو الاشتياق للماضي، ربما بسبب المطر الذي فاض بعد انتظار طويل، اليوم كان عيد، عيد الحب هكذا يسمونه، سرت طويلا في شوارع دمشق، دخلت محل الصدّيق للشاورما، يقال أنه الاقدم في دمشق، ذلك المحل المختفي هناك تحت عبّارة مبنى البريد على ايام الاحتلال الفرنسي في ساحة المرجة، اتذكر صورة هذا المبنى مع بداية القرن الماضي وصور الخيول التي كانت تنقل البريد من خلال هذا المبنى، يضهر لي تفصيل أخر في تلك الصورة القديمة، انه ترومواي دمشق، اه، كم أحن لذلك الترومواي رغم أنه اختفى قبل مولدي بسنين كثيرة، تملأ وجهي ابتسامة تقول " ياليتهم يعيدونه!!"، ، يقولون ان عمره يزيد على 140 عاماً، ليس الترومواي، اقصد محل الشاورما!!، اتناول غدائي كنت ارغب بتناول القطايف العصافيري لكن الغداء الدسم لم يترك مكاناً لها، فأنطلق واخرج ماشياً في الشوارع، أبتسامتي تمطر الناس من حولي، اليوم عيد كما قلت لكم، لكن لاعيد يضهر في تلك الساحة التي تمتلئ بزحمة منتصف النهار، اسير لغاية جسر فكتوريا، اقف منتظراً، أقرأ عبارة "النادي العربي" على المبنى المقابل لي، تعود أبتسامتي للظهور مع تذكري لعبد الرحمن الشهبندر، ابتسامتي تزداد أتساعا بينما أسأل نفسي اين أًصبحت سارة مؤيد العظم، هل ماتت!! مالذي حل بها بعدما قتلو زوجها الشهبندر وهو في عيادته يعالج المرضى، انظر حولي لعلي اراها، أو ربما احداً من أحفادهما، هل كان لهما أبناء!! لربما!!، لربما كان ابناء احفادهما الأن يحتفلون بعيد الحب في زوايا احدى شوارع دمشق، لربما في باريس، لايهم المكان، المهم هو العيد، تتوقف الافكار كلها حين يقف إلى جانبي شرطي المرور بسحنته الريفية، وددت لو أنه لا يتكلم، لم أرغب بسماع صوته، كنت اريد فقط أن أسمع صوت الشهبندر وهو يخطب بحشد منصت متخيلا الحماسة التي تملئه، لكن رغبتي لا تتحقق، وتسقط الابتسامة مع صرخات الشرطي على أحد السائقين الذين يصعد بسيارته على الرصيف، يتجاهل السائق صيحات الشرطي، وتزداد صرخات الشرطي حدة، يتدخل أحد المارة بكلمات غاضبة شاتماً الفوضى ويردد بعض الكلمات البذيئة بينما هو يسير بعيداً، أستقل سيارة وأطلب من السائق نقلي إلى مكان عملي، تسير لجانبنا سيارة يستقلها الممثل أسعد فضة، انظر إليه، أتذكر مشهده في فيلم ليالي أبن أوى، في ذلك المشهد الذي يفرغ فيه صناديق البندورة تحت اقدامه ويدوسها لاعنا أبو الحياة، انظر إليه من جديد وأضحك حين يترائى لي أنه ينظر من تحت نظارته إلى فتاة تسير على رصيف الشارع، سرعان ما أفقد أثره عند ضياعنا في ساحة الأمويين، تضحكني كلمة ضياع، ولكنها الكلمة الأكثر تعبيرا عن حالة الفوضى العارمة التي تعيشها ساحة الأمويين طوال الوقت، الدخول إلى الساحة اعجوبة والخروج منها اعجوبة أخرى، كلما تذكرت أن أسم هذه الساحة ساحة الأمويين أتخيل معاوية يجلس في وسط تلك الساحة ليدير الفوضى التي عاشتها تلك الحقبة من تاريخ هذه البلاد، هل لم نزل داخل حلقة الفوضى منذ تلك الايام، هل سيكون هناك من لحظة تترائى لنا فيها مخارج أكثر أملاً، أترك التاكسي واسير بعيداً، تتلاشى صورتي مع الوقت، وتبقى ابتسامتي العريضة خلفي...

2 comments:

linalone said...

You resumed in this post, the history of Damascus in a very interesting way. This city that I've explored with you and that I have learned to love through you. It will always have a place in my heart... You have forgotten The old city in Bab Touma...

Narinja said...

ذكرتني بأشياء جميلة جدا، أنا عرفت الترامواي في دمشق، كان جدي يصطحبني فيه إلى "دوما"، فقط من أجل المشوار، نصل إلى آخر الخط، ننتظر أن يدير السائق "السنجة، في الاتجاه الآخر لنعود من حيث أتينا، كنت أحب رائحة الفحم المحروق التي تنبعث منه، كما كنت مبهورة بالأداة الصغيرة التي يحملها "قاطع التذاكر" بسبب الأوراق الملونة، تذاكر حمر للكبار وزرق للصغار على ما أظن، كنت أجمعها وأتبادلها مع أطفال العائلة الآخرين... شكرا لاستثارة الذاكرة في هذا المكان البعيد. على فكرة جميل أن تترك ابتسامتك العريضة خلفك ، لكن جميل أن تضع واحدة أخرى على وجهك ليتمكن المحبون من الاستمتاع بمرآها " وش وقفا" يا خيّو