Sunday, August 07, 2005

ما هو العشب؟

والت ويتمان
-=-=-=-=-


سألني طفل: "ما هو العشب؟" وأحضره إليَّ بكلتا يديه:

كيف لي أن أجيب الطفل؟ فأنا لا أعرف عن ماهية العشب أكثر منه.

أحسب أنه – أغلب الظن – رايةٌ لمزاجي، حيكت من نسيج الأمل الأخضر.

أو أحسب أنه منديل الربِّ،

هِبَةٌ معطَّرة وتذكار سقط عن قصد،

يحمل اسم صاحبه في إحدى زواياه، لعلنا

نراه ونلحظ ونقول: لمن هو؟

-=-=-=-=-=-=-=-=

أؤمن أن ورقة العشب ليست أقل منزلة من ضوء النجوم،

وأن النملة لا تقل عنها كمالاً، وكذلك حبة الرمل وبيضة النُّمْنُمة.

علجوم الشَّجَر تحفة للأعالي،

والعلَّيق البري سوف يزيِّن ردهات السَّماء،

وأصغر مفصل في يدي يزدري جميع الآلات،

والبقرة التي تجتر محنية الرأس تبذُّ أيَّ تمثال،

والفأر معجزة كافية لدحض ملايين الملاحدة.


-=-=-=-=-==-=-=-=-=--=-=-=-=-=-=-=


هائلة كانت الاستعدادات لأجلي،

وفيَّة ودودة كانت الأذرُع التي أسعفتْني،

الآباد حملتْ مهدي، مجذِّفة ومجذِّفة مثل ملاحين مرحين،

ولتفسح لي المجال، انكفأت نجومٌ إلى حلقاتها،

وأرسلت قواها الخفية لكي تعتني بِمَنْ قُيِّضَ لها أن تحملني.

وقبل أن تلدني أمِّي، أرشدتْني أجيال وأجيال.

لم يتبلَّد جنيني قط، ولم يقدر شيء على طَمْسِه.

فلأجله تجمَّع السديم في فَلَك،

والطبقات الطويلة تراكمتْ سريرًا له،

والنباتات الوافرة صارت له قوتًا،

والسحالي العملاقة نقلتْه بأفواهها

ووضعتْه بعناية.

كلُّ القوى مافتئت تتضافر بثبات كي تنجزني وتحتفل بي.

والآن، في هذا الموضع،

أقف بنفسي المتينة.



عن موقع أطياف

No comments: